وقيل: إن جبريل نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له:
(أرجع حفصة فإنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة) .
وكان على حفصة أن تستجيب لأمر الله، فعادت أدراجها، لكن استفادتها من التجربة المريرة كانت أكبر من كل توقع، إذ تجافت حرب الضرائر، وآثرت البعد والنأي عن مشاغباتهن أو مشايعتهن في شيء قليلا كان أم كثيرا.
ولم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم من حفصة بعد ذلك شيئا لا يسره حتى انتقاله للرفيق الأعلى.
واكتوت حفصة مع زمرة الأبرار الأخيار بوفاته صلى الله عليه وسلم، وكان حزنها على فراقه بالغا وشديدا ...
ثم عاشت عهد الصديق أبي بكر، ثم عهد أبيها عمر، وقد فجعت للمرة الثانية بمقتل أبيها عمر- رضي الله عنه-. ولم تجد من الوحدة سبيلا غير الاعتكاف للعبادة وذكر الله، فبقيت في المدينة حتى جاءها الحتم المجاب، فلم تتردد لحظة واحدة وكان ذلك في عهد معاوية بن أبي سفيان، فرضي الله عنها وأرضاها.