"وغير ذلك من صنوف الأشياء بالأسانيد" هي جمع إسناد، والإسناد عرفه ابن حجر بأنه: الطريق الموصل إلى المتن، ويُعرّف بتعريفٍ أوضح فيقال: هو الرجال الذين يذكرهم المحدث مبتدئاً بشيخه منتهياً بالرسول -عليه الصلاة والسلام-.
بالأسانيد التي بها نقلت، والإسناد منزلته من الدين معروفة، كما يقول ابن المبارك وغيره من الأئمة، الإسناد من الدين:"ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء""وبيننا وبين القوم القوائم" يعني الإسناد التي يقف فيها الخبر على سوقه.
"بالأسانيد التي بها نقلت وتداولها أهل العلم فيما بينهم فأردت أرشدك الله" والخطاب هنا كأنه موجه إلى راوي الصحيح عن الإمام مسلم، أو الذي سأله تأليف الكتاب، هو الذي سأله تأليف الكتاب سواء كان هو الذي رواه عنه وتلقاه عنه أو غيره، والراوي عن الإمام مسلم هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان.
"فأردتَ -أرشدك الله- أن توقف على جملتها مؤلفةً محصاةً" يعني غير مخلوطة بما ليس بحديث كاستنباطٍ فقهي أو رأي لعالم.
"محصاة" يعني خاص بالأحاديث المرفوعة، وليس مثل صحيح البخاري الذي خلط فيه الاستنباط، وظهر فيه وبان فقه الإمام -رحمه الله تعالى-، وفيه أيضاً آثار الصحابة والتابعين، أما صحيح مسلم فهو خاص في الأحاديث المسندة المرفوعة، فليس فيه معلقات إلا النادر، اثنا عشر حديث، وأما الآثار فهي نادرة أيضاً، وليس فيه مما في صحيح البخاري من استنباط؛ لأن الكتاب مجرد حتى من التراجم، ورجحه من رجحه من المغاربة لهذا، كما قال ابن حزمٍ وغيره أنه ليس فيه بعد الخطبة إلا الحديث السرد، وهذا سبب ترجحيه عند من رجحه.