أولاً: الاتهام بالكذب إنما ينشأ عن تفرد الراوي الذي يأتي بما يخالف عليه، بحيث يتفرد به، ولا يعرف إلا من طريقه، حينئذٍ يتهم به، إذا خالف من هو أوثق منه، أو يكون معروفاً بالكذب في حديثه العادي، ولا يعرف بالكذب في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه لو كذب في حديث النبي ما يقال متهم بالكذب إنما يقال كذاب.
"ممن اتهم بوضع الأحاديث وتوليد الأخبار، وكذلك من الغالب على حديثه المنكر أو الغلط أمسكنا أيضاً عن حديثهم".
ثم قال -رحمه الله تعالى-:
"وعلامة المنكر في حديث المحدث أن تعرض روايته أو رواياته على روايات الحفاظ، وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم، أو لم تكد توافقها -يعني خالفتها بالكلية، أو كانت المخالفة غالبه، فالطريق إلى معرفة ضبط الراوي أن تعرض رواياته على روايات الحفاظ، فإن وافقهم فهو ضابط، إن خالفهم يسيراً أيضاً ضابط، إن خالفهم كثيراً أو لم يوافقهم في شيء فهذا ليس بضابط.
ومن يوافق غالباً بالضبطِ ... فضابطٌ أو نادراً فمخطيء
فمن تكون موافقته لهم نادرة فهذا يصنف على أن غير ضابط، أو غير حافظ، مخالفة الثقات هي أحد أوجه الطعن في الراوي المتعلقة بانتفاء الضبط، وهي خمسة: فحش الغلط وكثرة الغفلة وسوء الحفظ والفهم ومخالفة الثقات.
"فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك -يعني المخالفة- كان مهجور الحديث -هذا حكم رواية من كثرت المخالفة في حديثه، راوي المنكر حديثه مهجور- غير مقبوله، ولا مستعمله، فمن هذا الضرب من المحدثين، عبد الله بن محرر -الجزري القاضي متروك- ويحيى بن أبي عنيسة -أيضاً أبو يزيد الجزري ضعيف- والجراح ابن المنهال أبو العطوف، وعباد بن كثير، وحسين بن عبد الله بن ضميرة، وعمر بن صهبان، ومن نحا نحوهم في رواية المنكر من الحديث".