يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "فلسنا نعرج على حديثهم، ولا نتشاغل به -يعني لا نلتفت إليه، ولا نتشاغل بروايته، وفي القاموس وشرحه عرج البناء تعريجاً: ميِّل، فلا يميِّل على حديث مثل هؤلاء، ولا يعرج عليه، وعرّج النهر: أماله، وعرّج عليه: عطف، فمعنى كلام مسلم أننا لا نعطف على حديثهم، ولا نتوجه إليه، ولا نميل إليه، ولا نتشاغل به- لأن حكم أهل العلم والذي نعرف من مذهبهم في قبول ما يتفرد به المحدث من المتحدث -هناك إذا خالف وهنا في مجرد التفرد- أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووا، وأمعن في ذلك -البعض هذه: يريد الإمام مسلم بها الأكثر- في بعض ما رووا -يعني في أكثر ما رووا، في أكثر روايته، بدليل قوله: "وأمعن في ذلك" يعني بالغ في ذلك وجد في ذلك.
"وأمعن في ذلك على الموافقة لهم، فإذا وجد كذلك ثم زاد بعد ذلك شيئاً ليس عند أصحابه" أولاً: إذا وجدناه وافق الحفاظ، وأمعن في موافقتهم حكمنا عليه بأنه ضابط وإلا مخطئ؟ ضابط، إذاً هو ثقة زيادته، (ثم زاد بعد ذلك شيئاً ليس عند أصحابه قبلت زيادته).
وهذا الإطلاق من مسلم -رحمه الله- يوافق قول من يقول: بقبول زيادة الثقات مطلقاً (قبلت زيادته) وعرفنا أن الحكم للقرائن، قد تقبل بالقرائن وقد ترد بالقرائن، وهذا قول: الكبار من الحفاظ، وعليه صنيعهم، وجروا على ذلك.