للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- ذكر الصلاة، صلى الله على محمد، ولم يذكر السلام، والامتثال -امتثال الأمر- إنما يتم بالجمع بينهما، في قول الله -جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(٥٦) سورة الأحزاب] لا يتم امتثال الأمر إلا بالجمع بينهما، ولذا صرح النووي بكراهة إفراد الصلاة دون السلام والعكس، النووي صرح بالكراهة، صرح بكراهة إفراد الصلاة دون السلام والعكس، لكن الحافظ ابن حجر -رحمه الله- خص الكراهة بمن جعل ذلك ديدناً له، يعني استمر يصلي فقط ولا يسلم أو يسلم فقط ولا يصلي، فمن كان ديدنه ذلك يتجه القول بالكراهة، ومن كان يصلي تارةً ويسلم تارةً ويجمع بينهما تارة فهذا لا تتجه إليه الكراهة.

علماً بأن إفراد الصلاة دون السلام وقع في كلام كثير من أهل العلم كالشافعي في الرسالة والشيخ أبي إسحاق الشيرازي في التبصرة واللمع والتنبيه، والنووي نفسه الذي انتقد مسلم وقع في ذلك في خطبة التقريب وبعض كتبه، فالأولى الجمع بين الصلاة والسلام.

الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- صلى على النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى جميع الأنبياء والمرسلين لكنه لم يذكر الآل والأصحاب، وهو بهذا برئ من عهدة الأمر في الآية؛ لأنه في الآية إنما أمر بالصلاة والسلام على النبي -عليه الصلاة والسلام-، برئ من هذه الحيثية وإن كان تركه للسلام لا يتم امتثال الآية إلا بالصلاة والسلام معاً، وأما الصلاة على الآل والأصحاب فلما لهم من حقٍ على الأمة، وأنتم تجدون في مصنفات الأئمة الاقتصار على (صلى الله عليه وسلم) وبهذا يتم الامتثال، لكن لما للآل والصحب من حقٍ على الأمة، فالآل وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، والصحب لما لهم من حمل الدين إلى من بعدهم فبواسطتهم وصل إلينا الدين، لهم علينا من الحق أن نعطفهم على النبي -عليه الصلاة والسلام- فنقول: صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>