إفراد الآل دون الصحب، الآية ليس فيها لا آل ولا صحب، فيتم الامتثال بدونهم، ولا ضير على شخصٍ يقول: - صلى الله عليه وسلم - إذا سمع أو مرّ على ذكره -عليه الصلاة والسلام-، وعلى هذا صنيع الأئمة، وإن اتهمهم من اتهمهم، وأنهم تركوا الصلاة على الآل، ممالأة للحكام، ويرمى جميع الأئمة بهذا ممالأة للحكام، حاشى لأئمة الإسلام أن يتركوا شيئاً من شرع الله مداراة أو مداهنة لأحد، يعني كونهم يتفقون على قوله -صلى الله عليه وسلم- حاشاهم أن يتركوا ذلك ممالأةً لأحد، والجمع بين الآل والصحب لما للجميع من حقٍ علينا.
أما إفراد الصحب دون الآل فشعار للنواصب، وإفراد الآل دون الصحب فشعار للروافض، وأهل السنة يوالون الصحب كما يوالون الآل، فلذا الأولى الجمع بينهما، وأما استدلال الصنعاني والشوكاني وصديق حسن خان بالصلاة الإبراهيمية في التشهد بأنه ذكر الآل دون الصحب، وأنه يجب أن يصلى عليهم كما يصلى على النبي -عليه الصلاة والسلام- فنقول: أن الصلاة الإبراهيمية فرد من أفراد المأمور به، فتتعين في موضعها، لأنها متعبد بلفظها، أما في غير موضعها فالمتجه الأمر في آية الأحزاب، فإذا زدنا على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلتكن الزيادة لجميع من له حق علينا، وهم الآل والأصحاب ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- بعد ذلك:
"أما بعد".
أما بعد بهذه الصيغة جاءت في أكثر من ثلاثين حديثاً، يقول فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- أما بعد، بهذا اللفظ، فلا نحتاج إلى (ثم) ثم أما بعد، لا نحتاج إليها إلا لو أردنا تكرارها مرة ثانية، فالإقتداء يتم بهذا اللفظ:(أما بعد) ولا نكتفي بقولنا: وبعد، كما شاع على ألسنة المتأخرين، وهذا من القرن العاشر، (وبعد) يقولون إلى الآن يكتبون (وبعد) ويريدون أن الواو تقوم مقام (أما) لكن الإقتداء بأفعاله -عليه الصلاة والسلام- لا يتم إلا بقولنا:(أما بعد) وأما: حرف شرط، وبعد: قائم مقام الشرط مبني على الضم، مثل ما تقدم في فوق؛ لأن المضاف محذوف مع نيته، فيبنى على الضم، وجواب (أما) الفاء وما دخلت عليه، يعني ما بعد الفاء هو جواب (أما).