للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

"وقلب إسناد لمتن قسم" ويذكر في مثل هذا الموضع قلب أهل بغداد الأحاديث على الإمام البخاري، البخاري لما دخل بغداد أراد أهل بغداد أن يمتحنوه، هل هو بالفعل على هالمستوى السمعة التي يذكر عنه؟ هل هو من الحفظ والضبط والإتقان وسعة الإطلاع كما يقال عنه؟ يختبر، فعمدوا إلى مائة حديث، ووكلوا بها عشرة أشخاص، قسموها على عشرة أشخاص، كل واحد أخذ عشرة أحاديث، وقالوا: أنت يا فلان عندك العشرة الأولى، ووضعوا إسناد الحديث الأول للمتن الثاني، والمتن الثاني لإسناد الحديث الأول، إلى تمام العشرة، قلبت عليه الأسانيد والمتون، ثم الثاني عشرة، ثم الثالث عشرة، وهكذا إلى تمام العشرة، بمائة حديث، لما استقر بهم المجلس، وحضر الوجوه وأعيان بغداد وعلماؤها، انتدب الأول للبخاري وقال: يا إمام أو يا بخاري أو يا محمد أو يا أبا عبد الله ما تقول في حديث كذا وكذا وكذا، فألقى إليه السند تام والمتن غير متنه، قال البخاري -رحمه الله-: "لا أعرفه" الحديث الثاني قال كذا حدثنا فلان عن فلان كذا قال: "لا أعرفه"، الثالث العاشر، قال: " لا أعرفه" الناس العادين قالوا: وش هذا محمد بن البخاري ما عرف ولا حديث إلى أن تمت المائة؟ أما الناس اللي عندهم فهم ومعرفة قالوا: فهم الرجل؛ لأنه لو كان إنسان سطحي أو دعي يدعي العلم ما خلى الأحاديث تمر ولا أعرف ولا .. ، إيش تعرف أجل؟ نعم، ولذلك قد يسأل بعض الناس ممن يدعي المعرفة عن حديث لا أصل له يثبته، خشية أن يقول: "لا أعرفه" نعم، أما الإمام لمعرفته .. ، الذي يحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح، لما ألقيت عليه المائة كلها لا أعرفه، لا أعرفه، لا أعرفه، مائة حديث، الناس العاديين قالوا: وش هذا الكلام الذي نسمعه البخاري البخاري؟ وش بخاري؟ ما عرف ولا حديث واحد من مائة حديث، لكن الناس النبلاء والذين عندهم معرفة فهم الرجل، لما انتهوا كلهم، قال: أنت يا فلان الأول قلت: كذا وكذا وكذا، فساق الحديث الأول بخطئه وقلبه ثم صححه، لا، الصواب كذا، الحديث الثاني كذا كذا إلى آخره، فعجبوا من كونه رد المائة على ترتيبها على صوابها، لكن أعجب من ذلك كونه حفظ الخطاء قبل الصواب، حفظ كل المائة بخطئها ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>