للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

"كذا له -يعني في حق ابن الصلاح ماهو في حق ابن القيم- كذا له ولم يصوب صوبه"، ابن القيم -رحمه الله تعالى- انقدح في ذهنه هذا الأمر أنه مقلوب، وفي تعارض بين الجملة الأولى والثانية، فأجلب عليها بكل ما أتي من قوة وإطلاع، سعة إطلاع وبيان، وأطال في تقرير هذا، لكن إذا عرفنا أنه لم يعل أحد من أهل العلم قبل ابن القيم الحديث بالقلب، مع أن من العلماء من صححه، من أهل العلم من صححه، ورجحه على حديث وائل بن حجر: "كان النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه"، يعني هل يخفى مثل هذا على كبار الأئمة؟ ما يمكن أن يخفى، إذن كيف نوجه الحديث على وجه يصح؟ نقول: مجرد الوضع يختلف عن البروك، مجرد الوضع وضع اليدين على الأرض يختلف عن البروك؛ لأنه يقال: برك البعير، متى يقال: برك البعير؟ إذا أثار الغبار وفرق الحصى، فإذا نزل الإنسان بقوة على الأرض، فرق الحصى، وأثار الغبار، قلنا: برك، مثل ما يبرك البعير، لكن إذا وضع يديه مجرد وضع على الأرض من غير أن يثير الغبار، ولا يحدث صوت ولا شيء، نقول: إيش؟ هذا صح أنه وضع يديه قبل ركبتيه ولم يبرك كما يبرك البعير، فالأحاديث التي أدعي فيها القلب كلها يمكن توجيهها، صيانة للرواة الثقات، وصيانة لكتب الحديث، لو كان المراد من الحديث مجرد مشابهة البعير في تقديم يديه على ركبتيه ما يمكن أن يقولها أحد، ما يخفى على أحد، كل إنسان يدرك أن البعير ينزل على يديه، فكيف يقال: ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) نعم، المسألة مفترضة في رواة أثبات، ولذا قال ابن حجر: "وهو أرجح من حديث وائل بن حجر، كان النبي -عليه الصلاة والسلام-: إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه".

<<  <  ج: ص:  >  >>