أعطني ماء، قلت: خذ، بشمالك، يعني لا شك أنه يجد في نفسه، لو تقول: أعطني قلماً مثلاً، تقول: خذ يا أخي، بالشمال، الأصل أنه باليمين، لكن لو مديته بالشمال، أعطيته بالشمال، هذا لا شك أنه. . . . . . . . .، لكن شخص محتاج فقير أعطي؛ لئلا يعلم الناس، هو يحب -هذا الفقير- أن تخفى الصدقة عن الناس أكثر من أن يحب أن ينفق عليه باليمين، فإذا وجد أناس على جهة اليمين والفقير على جهة الشمال يخرج الدراهم يعطيها إياه بشماله، وهذا يحتاج إليه في مسألتين: إذا كان مكثراً من النفقة، من الإنفاق في سبيل الله فأحياناً ينفق هكذا وهكذا، كما جاء في الحديث الصحيح عن يمينه وعن شماله، وأحياناً لشدة الإخفاء عن رؤية الناس يحتاج إلى أن ينفق على جهة الشمال، وهذا إنما يقال من باب صيانة الصحيح، وصيانة الرواة الثقات عن التوهيم والتخطئة؛ لأن الحديث في صحيح مسلم، من الأحاديث التي انقلبت:((كلوا واشربوا حتى يؤذن بلال، فإن ابن أم مكتوم يأذن بليل)) الأصل: ((كلوا وشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإن بلالاً يؤذن بليل)) انقلب على راويه، ومنهم من قال: ما يمنع أن يكون مرة يؤذن الأول بلال، ومرة يؤذن الأول ابن أم مكتوم، وعلى كل حال الأحاديث التي ذكرت أمثلة للمقلوب، منها ما يمكن توجيهه، ابن القيم -رحمه الله تعالى- ادعى القلب في حديث البروك، وسلم له الناس كلهم، قال: حديث البروك مقلوب، ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) ابن القيم يقول: هذا تناقض؛ لأن البعير يقدم يديه قبل ركبتيه، كيف يقول:((لا يبرك كما يبرك البعير)) ويقول: ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) هذا أمر، ابن القيم -رحمه الله- يقول: انقلب على راويه، ويمثل به للمقلوب، لكن مثل ما قال الحافظ العراقي: