للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم المقلوب ما ينقلب فيه على راويه، سواء كان القلب في المتن أو في السند، أو فيهما معاً، فإذا انقلب السند على راوٍ من الرواة، ولذا يقول: "إبدال راو ما براو" هذا قسم من أقسام المقلوب، فالحديث المعروف بنافع إذا جعله راوٍ من الرواة عن سالم يكون قلب سنده، وهو ما أشار إليه بقوله: "إبدال راوٍ ما براوٍ قسم" وأظهر من هذا قلب الاسم بجعل مرة بن كعب، كعب بن مرة، أو نصر بن علي، علي بن نصر، هذا قلب ظاهر في الإسناد، وأما قلب المتن فوجد له أمثلة، "وقلب إسناد لمتن قسم" يعني يقلب الإسناد كله فيجعله لمتن غير متنه، لكن ظهور القلب في الإسناد إنما يكون بجعل الأب ابناً والابن أب، لا يتصور أن ينقلب إسناد بجعل التلميذ شيخ والشيخ تلميذ، إلا من باب رواية الأكابر عن الأصاغر يمكن هذا، أما قلب المتن فأمثلته موجودة وواضحة وظاهرة، مما يمثل به لمقلوب المتن، ما رواه مسلم في صحيحه من حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، جاء في بعض الروايات: ((ورجل تصدق بصدقة أخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)) الرواية المتفق عليها: ((حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)) لأن الإنفاق إنما يكون باليمين فانقلب على الراوي فقال: ((حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)) وهذا في الصحيح، ومن باب صيانة الصحيح يمكن أن يخرج الحديث على وجه يصح، يمكن الإنسان يتصدق بشماله، وهذا إذا كان مكثراً من الصدقة، فيحتاج الإنفاق بشماله كما كان ينفق بيمينه، وفي الحديث الصحيح في البخاري وغيره: ((ما يسرني أن لي مثل أحد ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين، إلا أن أقول به: هكذا وهكذا وهكذا وهكذا)) عن يمينه وعن شماله ومن أمامه ومن خلفه، فقد يحتاج مع كثرة الإنفاق إلى الإنفاق بالشمال، وأيضاً قد يضطر الإنسان إلى الإنفاق بشماله عند الإخفاء، إخفاء الصدقة، يعني لو جلس محتاج إلى جهة الشمال، وعنده أناس على جهة يمينه، وأراد أن يعطيه شيء من المال ألا يمكن أن يعطيه بشماله بحيث لا يشعر من كان على يمينه؟ نعم يمكن، وهل يجد المنفق عليه المعطى في نفسه شيء؛ لأنه أعطى بالشمال؟ لن يجد، يعني الأصل أن الأخذ .. ، لو أعطيت واحد، قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>