الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الاعتكاف"
"وهو اللزوم"{مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [(٥٢) سورة الأنبياء] يعني ملازمون لها، فالاعتكاف لزوم، وهي لفظة متداولة الآن في أيام الاختبارات، إذا لزم الطلاب البيوت والمساجد قيل لهم: عاكفون على دروسهم، وعكف على كذا: لزمه، وتعريفه في الاصطلاح عند أهل العلم: لزوم المسجد لطاعة الله تعالى.
والمسجد جنس يشمل جميع المساجد الثلاثة وغير الثلاثة، المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى وغيرها من مساجد المسلمين فهو جنس {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [(١٨٧) سورة البقرة] جنس، فعلى هذا يصح الاعتكاف في أي مسجد، ما لم يترتب عليه تعطيل لما هو أهم منه، فمسجد لا تقام فيه جماعة لا يصح الاعتكاف فيه، لماذا؟ لأنه إما أن يضطر للخروج على كل صلاة، وهذا ينافي معنى الاعتكاف، أو يلزم عليه ترك الجماعة، وصلاة الجماعة واجبة، والاعتكاف مسنون.
"وهو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى" وعرفنا أن من مسمى الاعتكاف اللزوم وطول المكث، فالذي يدخل المسجد مدة يسيرة، يجلس ساعة ينوي الاعتكاف؟ هل معنى هذا أنه لزم المسجد وعكف فيه ولزمه؟ بعض الفقهاء يقول: لا حد لأقله، كلما دخلت المسجد انوي الاعتكاف؛ لكن هذا على خلاف الهدي النبوي، وخلاف ما يقتضي اسم الاعتكاف.