المسألة الأخرى: النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً)) ولا حفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه فعل ذلك؛ لكن هل نحن مطالبون بفعله أو بقوله؟ بقوله؛ لأن الفعل لا عموم له، يبقى أنه من كان في مثل وضعه -عليه الصلاة والسلام- في العمل العام الذي يخدم الأمة، والصيام يؤثر عليه ويعوقه عن تحقيق بعض المصالح المنوطة به، يكون في حقه الفطر أفضل، تحصيلاً للنفع المتعدي، يعني لو قدرنا شخص يؤثر عليه الصيام، وهذا موجود عند بعض الناس، موجود عند بعض الناس إذا صام لا يستطيع أن يزاول عمله، نفترض المسألة في قاض في مفتٍ في مدرس نفعه عام، فهل الأفضل أن نقول: صم صيام داود، وإذا صار اليوم الذي أنت صائم فيه احتجب عن الناس؛ لأنك لا تستطيع التوفيق فيه، أو نقول: أفطر وانفع الناس؟ نعم لأن النفع المتعدي أفضل من النفع القاصر غالباً، وليس هذا على إطلاقه، فالصلاة نفعها قاصر، والزكاة نفعها متعدي، والصلاة أفضل من الزكاة كما هو معروف، الصلاة الركن الثاني؛ لكن هذا غالب أن النفع المتعدي أفضل من النفع القاصر، فنقول في مثل هذا الأفضل أن تترك الصيام إذا كان يعوقك عن النفع المتعدي، لا سيما إذا كان هذا النفع له شيء من العموم والشمول، بحيث تكون مصالح الأمة معلقة به، فإذا ترتب على ذلك تضييع هذه المصالح نقول: لا تتطوع في الصيام، وإذا علم الله نيتك أثابك على قدر ما نويت، إذا علم الله أنه ما حبسك عن الصيام إلا هذا النفع نقول:. . . . . . . . .