للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة مسألة علاج تعالج شخص أمامك، شخص عنده حب ورغبة في الخير، إن عاملته بالأشد لا يا أخي عنده رغبة شديدة، ولذلك عبد الله بن عمرو ما قبل توجيه النبي -عليه الصلاة والسلام- عندما قال له: ((اقرأ القرآن في شهر)) قال: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: ((اقرأ القرآن في الشهر مرتين)) قال: أطيق أكثر من ذلك، إلى أن قال له: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) وزاد قرأ القرآن في ثلاث؛ لأنه فهم أن النهي رفقاً به، لا منعاً من القراءة، ولذلك ندم في آخر عمره أن خالف هذا الأمر، صار يتعبه قراءة القرآن في شهر، الرسول عرض عليه في الصيام بالتدريج، الأقل ثم الذي يليه، ثم الذي يليه، إلى أن قال له في النهاية بدلاً من أن يصوم الدهر ((صم يوماً وأفطر يوماً)) فأنت تنظر فيمن أمامك ممن تخاطبهم، أمامك جمع يغلب عليهم التشدد، ويغلب عليهم التحري، ويغلب عليهم الحرص على الخير، تخفف، المسألة مسألة علاج، تريد أن تنفعهم في أمور دينهم ودنياهم، وتجعل هناك توازن، الإسلام -ولله الحمد- دين توازن، وبالعكس إذا كنت تشوف ناس منصرفين، وتأتي بالنصوص التي تحثهم على الخير والازدياد منه ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) الرسول -عليه الصلاة والسلام- قام حتى تفطرت قدماه، يعني لو يقال لمثل عبد الله بن عمرو بن العاص: الرسول قام حتى تفطرت قدماه، هل بينام من الليل شيء؟ لا، المقصود أن النصوص الشرعية علاج، كما يقال نضيره فيمن يلاحظ عليه التشدد والتنطع، مثل هذا يعالج بأحاديث الرجاء، وأخبار الرجاء، نصوص الرجاء، والعكس إذا وجد شخص منفلت يعالج وضعه بنصوص الوعيد، والخير في الجمع بينهما، لكن أنت تعالج شخص، مثل الآن شخص مرتفعة حرارته تعطيه شيء يخفض الحرارة، شخص منخفض الحرارة تعطيه شيء يرفع الحرارة، وهكذا، فعبد الله بن عمرو عنده رغبة شديدة في عمل الطاعات، لو قيل له من أول مرة: صم يوماً وأفطر يوماً، كان ما في فرق بين ما اقترحته وبين صيام داود، والمسألة أصوم كل يوم إيش الفرق؟ لكن بدأ به بالتدريج.

<<  <  ج: ص:  >  >>