فالمقصود أن التفقه بهذه الطريقة يعين طالب العلم، وييسر له الطريق، ولا يعني أننا ندعو إلى التقليد، لا، نحن ندعو إلى الاتباع، والأصل هو الدليل؛ لكن الطالب في بداية الأمر كيف يقال له: تفقه من الكتاب والسنة؟ إذا أرد أن يتفقه في باب الصلاة مثلاً وأراد أن يعمل بما في كتاب الله -جل وعلا- مما يتعلق بالصلاة، كيف يعمل في الصلاة؟ فيه الأمر بالصلاة {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(٤٣) سورة البقرة] لكن ليس فيها تفصيل، تفصيل الصلاة في السنة، كيف يأخذ أحكام الصلاة من كتب السنة؟ إذا بدأ بالبخاري يفنى عمره ويأخذ عليه وقت طويل، ولا يعرف كيف يصلي لماذا؟
لأن في صحيح مسلم أحكام زائدة على ما في صحيح البخاري، مما يتعلق بالصلاة، في سنن أبي داود، ومتى يصل إلى سنن أبي داوود؟ في سنن الترمذي في مسند أحمد في البيهقي في كذا، أحاديث كثيرة، فهو يتفقه بهذه الطريقة، ويرجع للاستدلال لهذه المسائل، فهي بمثابة خطوط يمشي عليها، خطة يمشي عليها، فإذا تفقه بهذه الطريقة مع أن الأصل لا يختلف أحد في أن الأصل الكتاب والسنة، يعني لو قلنا لطالب العلم: تفقه من الكتاب والسنة، ثم قرأ في صحيح مسلم باب الأمر بقتل الكلاب، وهذه واقعة، خرج بالمسدس فما رآه من كلب قتله، الدرس الذي يليه في باب نسخ الأمر بقتل الكلاب، ماذا يصنع؟
المقدم: يرجع يعتذر للكلاب.
نعم، بينما الفقهاء يجعلون المسألة في سطر فيما يتعلق بهذه المسألة، وأدلتها يبحث عنها في الكتب، المقصود أن مثل ما ذكرت، ورددت مراراً، وفي مناسبات أن كتب الفقه ليست دساتير لا يحاد عنها، لا، هي مجرد خطط بحث، وعناصر يسير عليها طالب العلم، وبهذا أدرك من أدرك.
نعم وجد متعصبة للمذاهب، يوجد متعصبون يرون أن قول المؤلف ملزم لا يجوز الخروج عنه، وجد في سائر المذاهب متعصبة؛ لكن هذا التعصب مذموم، وجد من يقول: لا يجوز الخروج عن المذاهب الأربعة، ولو خالفت الكتاب والسنة وقول الصحابي، يقول هذا الكلام، وجد من يقول هذا الكلام، وبالمقابل وجد من يحرم النظر في هذه الكتب.