نعم الذي يهتم به كثيراً، بحيث يطغى اهتمامه على المقاصد على علوم الكتاب والسنة، أما العناية بالتاريخ كرافد للعلم بلا شك، تجد المعلم الذي يعلم العلوم الشرعية الأصلية، فقيه مثلاً يشرح الفقه لا يخرج عن الفقه قيد أنملة، هذا الطلاب يسرحون، ما يتابعون؛ لكن إذا كانت هذه نكتة، وهذه طرفة، وهذه حادثة، وهذه قصة، وهذه ترجمة علم مر، وهذه نكتة من النكات التي وجدت في ترجمة هذا الرجل، لا شك أن الطالب ينشط مع المدرس.
من المزايا التي يهتم بها -وما أدري أشرنا إليها سابقاً، أو لم نشر إليها- يتميز بها شرح الكرماني على البخاري مثلاً الذي يجذب القراء، كثرة التراجم الذي فيه، واختياره أندر ما لهذا المترجم من غرائب، يعتني بهذه الأمور، فيجذب القارئ، فالمعلم بحاجة إلى مثل هذا، أيضاً العالم الذي يقبل كلامه كافة الفئات ينبغي أن يكون موسوعي بحيث يخاطب الناس كل إنسان بما يجذبه إليه، وليس المراد جذبه إلى ذاته، وإنما المراد جذبه إلى العلم الذي يريد إيصاله لينتفع به أكبر قدر ممكن، على كل حال التواريخ كثيرة جداً، والإحاطة بها لا يكفي حقها.
لكن نشير إشارة إلى أهم كتب التاريخ، هناك ملاحظة لكتب التاريخ، يجدر بنا، أو ينبغي أن ننبه عليها، ونتنبه لها، وعلى الأخوة الذين يقرءون كتب التاريخ أن يتنبهوا لها، وهي أن العلماء وإن كان منهم من عرف بالتحقيق في باب التوحيد، إلا أنه في التراجم أحياناً يحصل منهم، أقول: في التراجم قد يشيدون بشخص عنده شيء من البدعة من غير تنبيه على بدعته، فيشيدون به من خلال ما فيه من علم، من جوانب برز فيها، أيضاً قد يتجاوز بعضهم إذا ذكر أن فلان مات في مكان كذا وقبره يزار، ما يعقب على هذا، وقد يتجاوز بعضهم ويزيد ما يتعين التنبيه عليه، فيقولون مثلاً: قبره ومشهده معروف ويزار، وأحياناً يقولون: ترياق مجرب، هذه وجدت مع الأسف الشديد في بعض كتب التاريخ، مع الأسف مثل هذه خلل في التوحيد لا بد من التنبيه عليها، ولذلك كتب التراجم كأنهم من خلال الاستقراء يريدون الفصل بين التاريخ وغيره من العلوم.