وعنها - رضي الله عنها - قالت:"أول ما بدء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم" الحديث بطوله الشاهد منه: أنه كان يجاور في غار حرا, وفيه:((فلما قضيت جواري نزلت))، فدل على أن المجاورة تطلق على الاعتكاف كما تطلق على نزول مكان للعبادة’ ولو لم يكون مسجداً تسمى مجاورة. لكن مجاورة للعبادة على ما يقتضيه الشرع، على ما يقتضيه الشرع، الزمخشري المعتزلي صاحب الكشاف جاور في أخر عمره بمكة وصار يقال له: جار الله، أبو نصر الفرابي جاور في بيت الله وكان لا يخرج من المسجد إلا قليلاً, ولزم الصيام والقيام، لكن هل هو على الطريقة الشرعية؟ كلا، لماذا؟ كان يفطر على ما قيل على الخمر المعتق, وأفئدة الحملان، ويسمى نفسه مجاور، يسمي نفسه مجاوراً، وأحمد أمين الكاتب المعروف ذكر في كتاب سماه: حياتي ترجم فيه لنفسه وذكر فيه بعض الأمور, لكن لما ذكر أن مدرساً درسه في مدرسة القضاء الشرعي يقول: فقدته عشر سنوات ما أدري أين ذهب، وبحثت عنه فلم استطع الوصول إليه، ثم قدر لي أن أسافر إلى تركيا فرأيته، فتتبعت حاله فإذا به قد انقطع للعبادة صيام وقيام، صيام وقيام، هذا الأخبار تساق لا على أنها تسلية إنما من أجل أن يحمد الإنسان ربه - جل وعلا- على أن وفقه وهده إلى الصراط المستقيم، هذا الشيخ الذي كان يدرسه في مدرسة القضاء الشرعي لما وجده في تركيا يقول: إنه انقطع، انقطع للصيام والقيام، لكن ماذا عن الصيام؟ وماذا عن القيام؟ يقول: كان يصوم من الساعة التاسعة صباحاً إلى الغروب، ويتعذر بأنه لا يستطيع أن يقوم وقت السحور, لأن بجواره عائلة مدري أيش سماها يهودية, أو نصرانية, ولا يستطيع أن يزعجهم ذا كلام ذا، هذا ظلال - نسأل الله العافية- يسمي نفسه مجاور, ويعترف له بالفضل بسبب هذا, لكن هذا بدع وطوام، يجاور في بيت الله, ويفطر على الخمر المعتق, ولذا على الإنسان أن يسأل الله - جل وعلا - الثبات إلى الممات لأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن، والعبادة إذا لم يتحقق فيها الشرطان لا قيمة لها, بل هي وبالٌ على صاحبها ما لم يتوافر فيها الإخلاص, والمتابعة، الإخلاص لله - جل وعلا - والمتابعة لنبيه - عليه