هذا الكتاب الذي هو تقريب الأسانيد الذي الدورة فيه للحافظ العراقي، أبو الفضل، زين الدين عبد الرحيم بن الحسين المتوفى سنة ستة وثمان مائة هو في أحاديث الأحكام، وألفه على طريقة هي من أقوى الطرق بالنسبة لثبوت الأخبار في الأسانيد التي قيل فيها أنها هي أصح الأسانيد، معروف مسألة: أصح الأسانيد عند أهل العلم الأولى ألا يحكم لإسناد أنه أصح مطلقا، هذا هو الأولى، الأولى والأصح عند أهل العلم أنه لا يحكم لإسناد بأنه أصح مطلقا من غيره، لماذا؟ لأننا لو استعرضنا هذه الأسانيد التي قيل فيها إنها أصح الأسانيد لما استقام قول من قال بترجيحها مطلقا لماذا؟ نأخذ مثلا قول البخاري، مالك عن نافع عن ابن عمر، مالك أجل أهل طبقته، يعني بلا منازع نجم السنن، لكنه حفظ عليه بعض الأخطاء، فهل في جميع ما رواه مالك أصح مطلقا من غيره؟ حتى فيما وقع فيه من أوهام؟ ما يستقيم هذا؛ نافع هل هو أجل من سالم؟ الأكثر على أن سالم أجل وأحفظ من نافع، ابن عمر الصحابي الجليل من حفاظ الصحابة من علمائهم من عبادهم، لكن ليس هو أحفظ الصحابة على الإطلاق، وهذا قول إمام الصنعة، فإذا كان هذا في قول البخاري فما بالك في قول غيره، يعني إذا نظرنا إلى مفردات الترجمة وجدنا من هو أجل مما قيل فيه أنه أصح الأسانيد،
وقد خاض به قوم فقيل مالك ... عن نافع بما رواه الناسك
مولاه واختار عنه حيث يسند ... الشافعي قلت وعنه أحمد
وجزم ابن حنبل بالزهري ... عن سالم أي عن أبيه البري
يعني الإمام أحمد جعل الزهري بدل مالك في قول البخاري، وجعل سالم بدل نافع، والصحابي هو الصحابي، فهل يستطيع أحد أن يرجح بين إسنادهما، إذا نظرنا إلى مالك في مقابل الزهري، ونافع في مقابل سالم والصحابي هو الصحابي ابن عمر، المقصود أن أهل العلم في التراجم التي قيل فيها أنها أصح الأسانيد هي ستة عشر ترجمة، ذكر الحافظ العراقي في مقدمة الكتاب وبنا عليها كتابه فالكتاب مروي بهذه الطرق، وإن لم يذكرها الحافظ العراقي فنستفيد من هذا أن الأسانيد كلها صحيحة، الأسانيد في هذا الكتاب كلها صحيحة، بل قيل فيها أنها أصح الأسانيد، الحافظ العراقي لما ألف هذا الكتاب.