للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد قال النحاة أنه لم يرد في القرآن لقلته ولو كان من إعمال الأول للزم ذكر الضمير في الفعل الثاني وكان يكون التركيب {وتصدونه} أو وتصدونهم إذ هذا الضمير لا يجوز حذفه على قول الأكثرين إلا ضرورة على قول بعض النحاة يحذف في قليل من الكلام ويدّل على {من آمن} منصوب بتصدون الآية الأخرى وهي قوله: {قل يا أهل الكتاب لمَ تصدون عن سبيل الله من آمن} ولا يحذف مثل هذا الضمير إلا في شعر وأجاز بعضهم حذفه على قلة مع هذه التكليفات المضافة إلى ذلك فكان جديراً بالمنع لما في ذلك من التعقيد البعيد عن الفصاحة وأجاز ابن عطية أن يعود على شعيب في قول من رأى القعود على الطريق للرد عن شعيب وهذا بعيد لأن القائل {ولا تقعدوا} وهو شعيب فكان يكون التركيب من آمن بي ولا يسوغ هنا أن يكون التفافاً لو قلت: يا هند أنا أقول لك لا تهيني من أكرمه تريد من أكرمني لم يصحّ وتقدم تفسير مثل قوله {وتبغونها عوجاً} في آل عمران.

قال الزمخشري إذوَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ} مفعول به غير ظرف أي {واذكروا} على جهة الشكر وقت كونكم {قليلاً} عددكم {فكثرتم} الله ووفر عددكم انتهى؛ وذكر غيره أنه منصوب على الظرف فلا يمكن أن يعمل فيه {واذكروا} لاستقبال اذكروا وكون {إذ} ظرفاً لما مضى والقلّة والتكثير هنا بالنسبة إلى الأشخاص أو إلى الفقر والغنى أو إلى قصر الأعمار وطولها أقوال ثلاثة أظهرها الأول. قيل: إن مدين بن إبراهيم تزوج بنت لوط فولدت فرمى الله في نسلها بالبركة والنماء فكثروا وفشوا، وقال الزمخشري: إذ كنتم أقلة أذلّة فأعزّكم بكثرة العدد والعدد انتهى ولا ضرورة تدعو إلى حذف صفة وهي أذلّة ولا إلى تحميل قوله {فكثرتم} معنى بالعدد ألا ترى أنّ القلة لا تستلزم الذلّة ولا الكثرة تستلزم العزّ، وقال الشاعر:

تعيّرنا أنّا قليل عديدنا

فقلت لها إنّ الكرام قليل وما ضرّنا أنّا قليل وجارنا

<<  <  ج: ص:  >  >>