للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طاقته ولكنهم استضعفوه فلم يلتفتوا إلى وعظه بل قاربوا أن يقتلوه ودلّ هذا على أنه بالغ في الإنكار عليهم حتى همّوا بقتله.

وقرأ ابن محيصن {تشمت} بفتح التاء وكسر الميم ونصب {الأعداء} ومجاهد كذلك إلا أنه فتح الميم وشمت متعدية كأشمت وخرّج أبو الفتح قراءة مجاهد على أن تكون لازمة والمعنى فلا تشمت أنت يا ربّ وجاز هذا، كما قال الله يستهزىء بهم ونحو ذلك ثم عاد إلى المراد فأضمر فعلاً نصب به الأعداء كقراءة الجماعة انتهى، وهذا خروج عن الظاهر وتكلّف في الإعراب وقد روي تعدّى شمت لغة يتكلّف أنها لازمة مع نصب الأعداء وأيضاً قوله: {اللَّه يستهزىء بهم} . إنما ذلك على سبيل المقابلة لقولهم {إنما نحن مستهزئون} فقال {اللَّه يستهزىء بهم} وكقوله {ويمكرون ويسكر اللَّه} ولا يجوز ذلك ابتداءً من غير مقابلة وعن مجاهد {فلا تشمت} بفتح التاء والميم ورفع {الأعداء} ، وعن حميد بن قيس كذلك إلا أنه كسر الميم جعلاه فعلاً لازماً فارتفع به الأعداء فظاهره أنه نهى الأعداء عن الشماتة به وهو من باب لا أرينك هنا والمراد نهيه أخاه أي لا تحلّ بي مكروهاً فيشمتوا بي وبدأ أوّلاً بسؤال أخيه أن لا يشمت به الأعداء لأنّ ما يوجب الشماتة هو فعل مكروه ظاهر لهم فيشمتوا به فبدأ بالأوكد ثم سأله أن لا يجعله ولا يعتقده واحداً من الظالمين إذ جعله معهم واعتقاده من جملتهم هو فعل قلبي وليس ظاهراً لبني إسرائيل أو يكون المعنى {ولا تجعلني} في موجدتك عليّ قريناً له مصاحباً لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>