ولهذه الأمة من هذه الآية نصيب وافر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «لتسلكنّ سنن من قبلكم» ومن اختبر حال علمائها وقضاتها ومشيبها شاهد بالعيان ما أخبر به الصادق، وقال الزمخشري: الواو للحال يعني في {وإن يأتهم} أي يرجون المغفرة وهم مصرّون عائدون إلى مثل قولهم غير ناسين وغفرا الذنوب لا يصحّ إلا بالتوبة والمصر لا غفران له انتهى، وجملة على جعل الواو للحال لا للعطف مذهب الاعتزال والظاهر ما قدّمناه ولا يردّ عليه بأن جملة الشرط لا تقع حالاً لأنّ ذلك جائز.
وأن لا يقولواأَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَبِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ} في موضع رفع على البدل من ميثاق الكتاب، وقال الزمخشري: هو عطف بيان لميثاق الكتاب ومعناه الميثاق المذكور في الكتاب وفيه إنّ إثبات المغفرة بغير توبة خروج عن ميثاق الكتاب وافتراء على الله تعالى وتقول ما ليس بحق علي وإن فسّر {ميثاق الكتاب} بما تقدم ذكره كان {أن لا يقولوا} مفعولاً له ومعناه لئلا يقولوا ويجوز أن تكون مفسّرة ولا يقولوا نهياً، كأنه قيل ألم يقل لكم لا تقولوا على الله إلا الحق.
وكسر فتحة همزتها لغة سليم وهي عندي حرف بسيط لا مركب وجامد لا مشتق وذكر صاحب كتاب اللوامح أن أيّان في الأصل كان أيّ أوان فلما كثر دوره حذفت الهمزة على غير قياس ولا عوض وقلبت الواو ياء فاجتمعت ثلاث ياءات فحذفت إحداها فصارت على ما رأيت انتهى، وزعم أبو الفتح أنه فعلان وفعلال مشتق من أي ومعناه أي وقت وأي فعل من أويت إليه لأنّ البعض آو إلى الكل متساند إليه وامتنع أن يكون فعالاً وفعالاً من أين لأن أيّان ظرف زمان وأين ظرف مكان فأوجب ذلك أن يكون من لفظ أي لزيادة النون ولأن أيان استفهام كما أن أياً كذلك والأصل عدم التركيب وفي أسماء الاستفهام والشرط الجمود كمتى وحيثما وأنى وإذا.