للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما لخراب الدّهر تبنى المساكن وأقول هذا الإضراب ليس على جهة الإبطال للخبر السابق من تشبيهههم بالأنعام ولا يجوز أن تكون جهة المبالغة في الضلال هي جهة التشبيه لأنه يؤدي إلى كذب أحد الخبرين وذلك مستحيل في حق الله تعالى وكلام من تقدم من المفسرين يدل على أنه تعالى شبّههم بالأنعام فيما ذكر وأنهم أضل من الأنعام فيما وقع التشبيه فيه وهو لا يجوز لما ذكرناه فالمعوّل عليه أن جهة التشبيه مخالفة لجهة المبالغة في الضلال وأن هذا الإضراب ليس على سبيل الإبطال بمدلول الجملة السابقة بل هم أضلأُوْلَئِكَ كَالأَنْعَمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} إضراب دال على الانتقال من إخبار إلى إخبار فالجملة الأولى شبههم بالأنعام في انتفاء منافع الإدراكات المؤدّية إلى امتثال ما جاءت به الرسل والجملة الثانية أثبتت لهم المبالغة في ضلال طريقهم التي يسلكونها فالموصوف بالمبالغة في الضلال طريقهم وحذف التمييز وتقديره: {بل هم أضل} طريقاً منهم ويبين هذا قوله تعالى: {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام} أي في انتفاء السمع للتدبر والعقل {بل هم أضل سبيلاً} أي بل سبيلهم أضل فالمحكوم عليه أوّلاً غير المحكوم عليه آخراً والمحكوم به أيضاً مختلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>