للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسأل الضحاك رجل عن قوله تعالى: {أن الله اشترى} الآية وقال: لأحملن على المشركين فأقاتل حتى أقتل، فقال الضحاك: ويلك أين الشرط التائبون العابدون الآية؟ وهذا القول فيه حرج وتضييق، وعلى هذين القولين نرتب إعراب التائبون، فقيل: هو مبتدأ خبره مذكور وهو العابدون، وما بعده خبر بعد خبر أي: التائبون في الحقيقة الجامعون لهذه الخصال. وقيل: خبره الآمرون. وقيل: خبره محذوف بعد تمام الأوصاف، وتقديره: من أهل الجنة أيضاً وإن لم يجاهد قاله الزجاج كما قال تعالى: {وكلا وعد الله الحسنى} ولذلك جاء: {وبشر المؤمنين} وعلى هذه الأعاريب تكون الآية معناها منفصل من معنى التي قبلها. وقيل: التائبون خبر مبتدأ محذوف تقديره هم التائبون، أي الذين بايعوا الله هم التائبون، فيكون صفة مقطوعة للمدح، ويؤيده قراءة أبي وعبد الله والأعمش: التايبين بالياء إلى والحافظين نصباً على المدح. قال الزمخشري: ويجوز أن يكون صفة للمؤمنين، وقاله أيضاً: ابن عطية. وقيل: يجوز أن يكون التائبون بدلاً من الضمير في يقاتلون.

والصفات إذا تكررت وكانت للمدح أو الذم أو الترحم جاز فيها الاتباع للمنعوت والقطع في كلها أو بعضها، وإذا تباين ما بين الوصفين جاز العطف. ولما كان الأمر مبايناً للنهي، إذ الأمر طلب فعل والنهي ترك فعل، حسن العطف في قوله: والناهون ودعوى الزيادة، أو واو الثمانية ضعيف.

ولو كانوا جملة معطوفة على حال مقدرة، وتقدم لنا الكلام على مثل هذا التركيب أنّ ولو تأتي لاستقصاء ما لولاها لم يكن ليدخل فيما قبلها ما بعدها. ودلت الآية على المبالغة في إظهار البراءة عن المشركين والمنافقين والمنع من مواصلتهم ولو كانوا في غاية القرب.

ويدل على أن الفاعل في وعد ضمير يعود على إبراهيم: قراءة الحسن، وحماد الراوية، وابن السميقع، وأبي نهيك، ومعاذ القارىء، وعدها أباه. وقيل: لفاعل ضمير والد إبراهيم، وإياه ضمير إبراهيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>