للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قرأ حمزة وحفص: يزيغ بالياء، فتعين أن يكون في كاد ضمير الشأن، وارتفاع قلوب بتزيغ لامتناع أن يكون قلوب اسم كاد وتزيغ في موضع الخبر، لأنّ النية به التأخير. ولا يجوز من بعد ما كاد قلوب يزيغ بالياء. وقرأ باقي السبعة: بالتاء، فاحتمل أن يكون قلوب اسم كاد، وتزيغ الخبر وسط بينهما، كما فعل ذلك بكان. قال أبو علي: ولا يجوز ذلك في عسى، واحتمل أن يكون فاعل كاد ضمير يعود على الجمع الذي يقتضيه ذكر المهاجرين والأنصار، أي من بعد ما كاد هو أي: الجمع. وقد قدر المرفوع بكاد باسم ظاهر وهو القوم ابن عطية وأبو البقاء، كأنه قال: من بعد ما كاد القوم. وعلى كل واحد من هذه الأعاريب الثلاثة إشكال على ما تقرّر في علم النحو: من أنّ خبر أفعال المقاربة لا يكون إلا مضارعاً رافعاً ضمير اسمها. فبعضهم أطلق، وبعضهم قيد بغير عسى من أفعال المقاربة، ولا يكون سبباً، وذلك بخلاف كان. فإنّ خبرها يرفع الضمير، والسبي لاسم كاد، فإذا قدّرنا فيها ضمير الشأن كانت الجملة في موضع نصب على الخبر، والمرفوع ليس ضميراً يعود على اسم كادبل ولا سبباً له، وهذا يلزم في قراءة الياء أيضاً. وأما توسيط الخبر فهو مبني على جواز مثل هذا التركيب في مثل كان: يقوم زيد، وفيه خلاف، والصحيح المنع. وأما توجيه الآخر فضعيف جداً من حيث أضمر في كاد ضمير ليس له على من يعود إلا بتوهم، ومن حيث يكون خبر كاد واقعاً سببياً، ويخلص من هذه الإشكالات اعتقاد كون كاد زائدة، ومعناها مراد، لا عمل لها إذ ذاك في اسم ولا خبر، فتكون مثل كان إذا زيدت، يراد معناها ولا عمل لها. ويؤيد هذا التأويل قراءة ابن مسعود: من بعد ما زاغت، بإسقاط كاد. وقد ذهب الكوفيون إلا زيادتها في قوله تعالى: لم يكد يراها مع تأثيرها للعامل، وعملها هي. فأحرى أن يدعي زيادتها، وهي ليست عاملة ولا معمولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>