{من} فيه لابتداء الغاية و {من} في {من رسول} زائدة تفيد استغراق الجنس. وعطف {ولا نبي} على {من رسول} دليل على المغايرة. وقد تقدم لنا الكلام على مدلوليهما فأغنى عن إعادته هنا، وجاء بعد {إلا} جملة ظاهرها الشرط وهو {إذا تمنى ألقى الشيطان} وقاله الحوفي، ونصوا على أنه يليها في النفي مضارع لا يشترط فيه شرط، فتقول: ما زيد إلاّ بفعل كذا، وما رأيت زيداً إلاّ بفعل كذا، وماض بشرط أن يتقدمه فعل كقوله {وما يأتيهم من رسول إلاّ كانوا} أو يكون الماضي مصحوباً بقدر نحو: ما زيد إلاّ قد قام، وما جاء بعد {إلاّ} في الآية جملة شرطية ولم يلها مرض مصحوب بقد ولا عار منها، فإن صح ما نصوا عليه تؤول على أن إذا جردت للظرفية ولا شرط فيها وفصل بها بين {إلاّ} والفعل الذي هو {ألقي} وهو فصل جائز فتكون إلاّ قد وليها ماض في التقدير ووجد شرطه وهو تقدم فعل قبل {إلاّ} وهو {وما أرسلنا} وعاد الضمير في {تمني} مفرداً وذكروا أنه إذا كان العطف بالواو عاد الضمير مطابقاً للمتعاطفين، وهذا عطف بالواو وما جاء غير مطابق أولوه على الحذف فيكون تأويل هذا {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته}{ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} فحذف من الأول لدلالة الثاني عليه و {تمنى} تفعل من المنية.
والجملة بعد {إلاّ} في موضع الحال أي {وما أرسلناه} إلاّ، وحاله هذه. وقيل: الجملة في موضع الصفة وهو قول الزمخشري في نحو: ما مررتَ بأحد إلاّ زيد خير منه، والصحيح أن الجملة حالية لا صفة لقبولها واو الحال، واللام في {ليجعل} متعلقة بيحكم قاله الحوفي. وقال ابن عطية: بينسخ. وقال غيرهما: ألقى، والظاهر أنها للتعليل. وقيل: هي لام العاقبة و {ما} في {يلقي} الظاهر أنها بمعنى الذي، وجوز أن تكون مصدرية.