للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجملة من قوله: {لها منذرون} ، في موضع الحال {من قرية،} والإعراب أن تكون لها في موضع الحال، وارتفع منذرون بالمجرور إلا كائناً لها منذرون، فيكون من مجيء الحال مفرداً لا جملة، ومجيء الحال من المنفي كقول: ما مررت بأحد إلا قائماً، فصيح. وقال الزمخشري: فإن قلت: كيف عزلت الواو عن الجملة بعد إلا، ولم تعزل عنها في قوله: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم؟} قلت: الأصل عزل الواو، لأن الجملة صفة لقرية، وإذا زيدت فلتأكيد وصل الصفة بالموصوف، كما في قوله: {سبعة وثامنهم كلبهم} . انتهى. ولو قدر نالها منذرون جملة، لم يجز أن تجيء صفة بعد إلا. ومذهب الجمهور، أنه لا تجيء الصفة بعد إلا معتمدة على أداة الاستثناء نحو: ما جاءني أحد إلا راكب. وإذا سمع مثل هذا، خرجوه على البدل، أي: إلا رجل راكب. ويدل على صحة هذا المذهب أن العرب تقول: ما مررت بأحد إلا قائماً، ولا يحفظ من كلامها: ما مررت بأحد إلا قائم. فلو كانت الجملة في موضع الصفة للنكرة، لو رد المفرد بعد إلا صفة لها. فإن كانت الصفة غير معتمدة على أداة، جاءت الصفة بعد إلا نحو: ما جاءني أحد إلا زيد خير من عمرو، التقدير: ما جاءني أحد خير من عمرو إلا زيد. وأمّا كون الواو تزاد لتأكيد وصل الصفة بالموصوف، فغير معهود في كلام النحويين. لو قلت: جاءني رجل وعاقل، على أن يكون وعاقل صفة لرجل، لم يجز، وإنما تدخل الواو في الصفات جوازاً إذا عطف بعضها على بعض، وتغاير مدلولها نحو: {مررت} بزيد الكريم والشجاع والشاعر. وأما {وثامنهم كلبهم} فتقدم الكلام عليه في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>