{وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَمَةِ} يوم القيامة: معمول لقوله ولا تخزنا، ويصلح أن يكون معمولها لتخزنا وآتنا ووعدتنا ويكون من باب الإعمال.
{أَنِّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى} ومنكم في موضع الصفة، أي: كائن منكم. وقوله: من ذكر أو أنثى، قيل: من تبيين لجنس العامل، فيكون التقدير الذي هو ذكر أو أنثى. ومن قيل: زائدة لتقدم النفي في الكلام. وقيل: مِنْ في موضع الحال من الضمير الذي في العامل في منكم أي: عامل كائن منكم كائناً من ذكر أو أنثى. وقال أبو البقاء: من ذكر أو أنثى بدل من منكم، بدل الشيء من الشيء، وهما لعينٍ واحدة انتهى. فيكون قد أعاد العامل وهو حرف الجر، ويكون بدلاً تفصيلياً من مخاطب. ويعكر على أن يكون بدلاً تفصيلياً عطفه بأو، والبدل التفصيلي لا يكون إلا بالواو كقوله:
وكنت كذي رجلين رجل صحيحة
ورجل رمى فيها الزمان فشلت
ويعكر على كونه من مخاطب أنَّ مذهب الجمهور: أنه لا يجوز أن يبدل من ضمير المتكلم وضمير المخاطب بدل شيء من شيء وهما لعين واحدة، وأجاز ذلك الأخفش. هكذا أطلق بعض أصحابنا الخلاف وقيده بعضهم بما كان البدل فيه لإحاطة، فإنه يجوز إذ ذاك. وهذا التقييد صحيح، ومنه «تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا» فقوله لأوّلنا وآخرنا بدل من ضمير المتكلم في قوله: لنا وقول الشاعر:
فما برحت أقدامنا في مقامة
ثلاثتنا حتى أرينا المنائيا
فثلاثتنا بدل من ضمير المتكلم. وأجاز ذلك لأنه بدل في معنى التوكيد، ويشهد لمذهب الأخفش قول الشاعر:
بكم قريش كفينا كل معضلة
وأم نهج الهدى من كان ضليلا
وقول الآخر:
وشوهاء تغدو بي إلى صارخ الوغى
بمستلئم مثل الفنيق المرجل
فقريش بدل من ضمير المخاطب. وبمستلئم بدل من ضمير المتكلم. وقد تجيء أو في معنى الواو إذا عطفت ما لا بد منه كقوله: