الغائب، وإمّا اكتفاء بالجهر عن مقابله، أو لكونه أفحش.
{أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفِرُونَ حَقّاً} وأكد بقوله: حقاً، وهو تأكيد لمضمون الجملة الخبرية، كما تقول: هذا عبد الله حقاً أي حق ذلك حقاً. أو هو نعت لمصدر محذوف أي: كفراً حقاً أي: ثابتاً يقيناً لا شك فيه. أو منصوب على الحال على مذهب سيبويه. وقد تقدم لذلك نظائر، وقد طعن الواحدي في هذا التوجيه وقال: الكفر لا يكون حقاً بوجه من الوجوه، ولا يلزم ما قال إنه لا يراد بحقاً الحق الذي هو مقابل للباطل، وإنما المعنى أنه كفر ثابت متيقن.
{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مَّيثَقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَئَايَتِ اللَّهِ} والباء في فبما نقضهم تتعلق بمحذوف الزمخشري: فعلنا هم ما فعلناه. وقدره ابن عطية: لعناهم وأذللناهم، وحتمنا على الوافين منهم الخلود في جهنم. قال ابن عطية: وحذف جواب هذا الكلام بليغ متروك مع ذهن السامع انتهى. وتسمية ما يتعلق به المجرور بأنه جواب اصطلاح لم يعهد في علم النحو، ولا تساعده اللغة، لأنه ليس بجواب. وجوزوا أن يتعلق بقوله:{حرمنا عليهم} على أن قوله: {فبظلم من الذين هادوا} بدل من قوله: فبما نقضهم ميثاقهم، وقاله الزجاج، وأبو بكر، والزمخشري، وغيرهم. وهذا فيه بعد لكثرة الفواصل بين البدل والمبدل منه.