للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبي، فأمسك، فهو كذلك إذ مرّ به عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فرأى الغضب في وجهه، فقال: ما أغضبك يا أمير المؤمنين، فقصّ عليه القصّة.

فقال: يا أمير المؤمنين لا يغضبك ذلك، أما قوله: إنه يحب الفتنة، فهو تأويل قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} التغابن ١٥.

أما قوله: يكره الحق، فالحق هو الموت الذي لا بدّ منه ولا محيص عنه.

وأما قوله: يقول بما لم يخلق: القرآن، فهو يقرأ القرآن وهو غير ومخلوق.

وأما قوله: يشهد بما لم ير، فانه يصدق بالله ولم يره.

وأما قوله: يصلي بغير وضوء، فانه يصلي على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغير وضوء.

وأما قوله: إن له في الأرض ما ليس لله في السماء، فان له زوجة وبنين، وليس لله شيء من ذلك.

فقال عمر: لله درّك: يا أبا الحسن، لقد كشفت عني هما عظيما.

ويروى أن رجلا من أهل دمشق يسمى بأبي عبد ربه، وكان أكثر أهل دمشق مالا، وأنه خرج مسافرا، فأمسى إلى جانب نهر ومرعى، فنزل فيه، فسمع صوتا يكثر حمدا لله في ناجية المرج. قال: فاتبعته، فوجدته رجلا ملفوفا في حصير، قال: فسلمت عليه، وقلت له: من أنت يا عبد الله؟.

قال: رجل من المسلمين.

فقلت له: فما هذه الحالة؟

قال: نعمة يجب عليّ شكرها.

فقلت: كيف وأنت ملفوف في حصير وأي نعمة عليك؟!.

قال: إن الله خلقني، فأحسن خلقي، وجعل منشأي ومولدي في الإسلام،

<<  <   >  >>