من ذا سواك يجيرني من زلتي ... يا من لعزته أذلّ وأخضع
فامنن عليّ بتوبة أحيا بها ... إني بما اجترمت يداي مروّع
قل التصبّر عنك يا من حبّه ... في الجارحات سقامه يتسرّع
كيف اصطبار متيّم في حبّه ... قدما لكاسات الهوى يتجرّع
لاحت وعن صدق المحبة ما بدت ... للناظرين نجوم ليل تطلع
ما الفوز إلا في محبّة سيده ... فيها المحبّ إذا تواضع يرفع
يروى أن قتادة بن النعمان الأنصاري رضي الله عنه كان من الرماة المذكورين، شهد بدرا وأحدا، ورميت يومئذ عينه، فسالت على خدّه، فأتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي في يده، فقال: ما هذه يا قتادة؟ قال: هذا ما ترى يا رسول الله، فقال له رسول الله:"إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت رددتها لك ودعوت الله لك فلم تفقد منها شيئا"، فقال: والله يا رسول الله إن الجنة لجزاء جزيل، وعطاء جليل، ولكني مبتلى بحب النساء، وأخاف إن يقلن: أعور فلا يردنني، ولكن أحبّ إن تردّها إليّ وتسأل الله لي الجنة، فقال:"أفعل ذلك يا قتادة" ثم أخذها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده، وأعادها إلى موضعها، فعادت أحسن ما كانت، إلى إن مات ودعا الله له بالجنة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال: فدخل ابنه على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وهو خليفة فقال له عمر: من أنت يا فتى؟ فقال:
أنا ابن الذي سالت على الخدّ عينه ... فردّت بكف المصطفى أحسن ردا
فعادت كما كانت بأحسن حالها ... فيا حسن ما عين ويا حسن ما ردّ