الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "وإن لم يسق الهدي فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل، فإنه قد ثبت بالنقول المستفيضة التي لم يختلف في صحتها أهل العلم بالحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما حج حجة الوداع هو وأصحابه أمرهم جميعهم أن يحلوا من إحرامهم، ويجعلوها عمرة، إلا من ساق الهدي، فإنه أمره أن يبقى على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله يوم النحر".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تقدم من كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- في المفاضلة بين الأنساك الثلاثة أن من ساق الهدي الأفضل في حقه أن يقرن، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن لم يسق الهدي فليتحلل بعمرة، يعني يتمتع، يعتمر ثم يحج من عامه، ليس معنى هذا أن تحلل بعمرة ثم يرجع إلى بلده، لا، ليس هذا هو المعنى، بل أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يجعلوها عمرة، وليس المراد بذلك عمرة مفردة، يأتون بعمرة ثم يحلون منها ثم يرجعون إلى بلدانهم، ليس هذا هو المراد، إنما من تحلل بعمرة الحل كله ثم بعد ذلك يحرمون بالحج في اليوم الثامن يوم التروية، والذي منع النبي -عليه الصلاة والسلام- من التحلل هو سوق الهدي، وإلا فالتمتع أفضل.
"وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد ساق الهدي هو وطائفة من أصحابه، وقرن هو بين العمرة والحج فقال:((لبيك عمرةً وحجاً)) ولم يعتمر بعد الحج أحد".
لما أحرم النبي -عليه الصلاة والسلام- جاءه الآتي وقال له:"صلي في هذا الوادي المبارك، وقل: حجة في عمرة" يعني قارناً، يعني لبي قارناً، والذي يمنعه من إفراد العمرة كما تقدم سوق الهدي، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- حج قارناً، وإن جاء في صفة حجه أنه حج مفرداً، وأنه حج متمتعاً، وأنه حج قارناً، أشرنا بالأمس إلى وجه الجمع بين هذه الروايات وكلها صحيحة.