"فصل: فإذا أراد الإحرام فإن كان قارناً قال: لبيك عمرة وحجاً، وإن كان متمتعاً قال: لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج، وإن كان مفرداً قال: لبيك حجة، أو قال: اللهم إني أوجبت عمرة وحجاً أو أوجبت عمرة أتمتع بها إلى الحج، أو أوجبت حجاً أو أريد الحج، أو أريدهما، أو أريد التمتع بالعمرة إلى الحج، فمهما قال شيئاً من ذلك أجزأه باتفاق الأئمة، ليس في ذلك عبارة مخصوصة، ولا يجب شيء من هذه العبارات باتفاق الأئمة، كما لا يجب التلفظ بالنية في الطهارة والصلاة والصيام باتفاق الأئمة، بل متى لبى قاصداً للإحرام انعقد إحرامه باتفاق المسلمين، ولا يجب عليه أن يتكلم قبل التلبية بشيء، ولكن تنازع العلماء: هل يستحب أن يتكلم بذلك؟ كما تنازعوا هل يستحب التلفظ بالنية في الصلاة؟ والصواب المقطوع به أنه لا يستحب شيء من ذلك، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشرع للمسلمين شيئاً من ذلك، ولا كان يتكلم قبل التكبير بشيء من ألفاظ النية، لا هو ولا أصحابه، بل لما أمر ضباعة بنت الزبير بالاشتراط، قالت: فكيف أقول؟ قال:((قولي: لبيك اللهم لبيك، ومحلي من الأرض حيث تحبسني)) رواه أهل السنن وصححه الترمذي ولفظ النسائي: إني أريد الحج فكيف أقول؟ قال:((قولي: لبيك اللهم لبيك، ومحلي من الأرض حيث تحبسني، فإن لك على ربك ما استثنيت)) وحديث الاشتراط في الصحيحين؛ لكن المقصود بهذا اللفظ أنه أمرها بالاشتراط في التلبية، ولم يأمرها أن تقول قبل التلبية شيئاً لا اشتراطاً ولا غيره، وكان يقول في تلبيته:((لبيك عمرة وحجاً)) وكان يقول للواحد من أصحابه: ((بم أهللت؟ )) وقال في المواقيت: ((مهل أهل المدينة ذو الحليفة، ومهل أهل الشام الجحفة، ومهل أهل اليمن يلملم، ومهل أهل نجد قرن المنازل، ومهل أهل العراق ذات عرق، ومن كان دونهن فمهله من أهله)) والإهلال هو التلبية، فهذا هو الذي شرع النبي -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين التكلم به في ابتداء الحج والعمرة، وإن كان مشروعاً بعد ذلك، كما تشرع تكبيرة الإحرام، ويشرع التكبير بعد ذلك عند تغير الأحوال، ولو أحرم إحراماً مطلقاً جاز، فلو أحرم بالقصد للحج من حيث الجملة ولا يعرف هذا التفصيل جاز، ولو أهل ولبى كما يفعل