"ولفظ الفسوق يتناول ما حرمه الله تعالى، ولا يختص بالسباب، وإن كان سباب المسلم فسوقاً، فالفسوق يعم هذا وغيره".
نعم الفسوق أصله الخروج، كما قيل للفأرة: فويسقة؛ لأنها تخرج من جحرها على غرة، وعلى غفلة ممن يرقبها، وكذلك فسقت الرطبة من قشرها يعني خرجت، فهذا هو أصله في المادة، فالخروج عن طاعة الله يسمى فسوق، وإن جاء التنصيص على سباب المسلم، كما في الحديث الصحيح:((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)) والتنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص، وهو شامل لسباب المسلم وغيره.
"والرفث هو الجماع، وليس في المحظورات ما يفسد الحج إلا جنس الرفث، فلهذا ميز بينه وبين الفسوق".
نعم الرفث هو الجماع هذا هو الأصل فيه، هو الجماع، وألحق به ما يدعو إليه من الكلام في مسائل الجنس، سواءً كان مع الرجال أو مع النساء، "وليس في المحظورات ما يفسد الحج إلا جنس الرفث" جنس الرفث هل المراد به ما فسره به هو الجماع؟ أو أن المراد به جنس الرفث ما يشمل الجماع ومقدمات الجماع القولية والفعلية؟ نعم الجماع هو الذي يفسد، وأما الرفث بما دون الجماع فإن هذا ورد النهي عنه ولا يجوز؛ لكنه لا يقتضيه إبطال الحج، فلهذا ميز بينه وبين الفسوق وإن كان يدخل في عموم الفسوق؛ لأنه مخالفة، والفسوق الخروج عن الطاعة، وهذا خروج عن الطاعة.
"وأما سائر المحظورات: كاللباس والطيب فإنه وإن كان يأثم بها، فلا تفسد الحج عند أحد من الأئمة المشهورين، وينبغي للمحرم أن لا يتكلم".
نعم ما دون الجماع من سائر المحظورات لا تفسد الحج عند أحد من الأئمة يعني بالاتفاق.
"وينبغي للمحرم أن لا يتكلم إلا بما يعنيه، وكان شريح إذا أحرم كأنه الحية الصماء، ولا يكون الرجل محرماً بمجرد ما في قلبه".