للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ونعرف أناس يعني موجود -ولله الحمد- الأمة ما زال فيها خير، نعرف أناس لا فرق بين عشية عرفة وغيره، ولا بين الاعتكاف وغيره، هذا على طول العام هذه حاله، ولو قيل له: أن الروح تخرج الآن ما يمكن أن يزيد تسبيحه، وهذا موجود الآن -ولله الحمد- والخير في أمة محمد، لكن الإشكال في عموم الناس، لا سيما كثير من طلاب العلم، والله المستعان.

شريح إذا أحرم كأنه الحية الصماء، لماذا؟ لأنه طول أيامه هذه صفته، كيف يعان على مثل هذا وهو في طول أيامه مفرط؟ لا يمكن أن يعان الجزاء من جنس العمل {جَزَاء وِفَاقًا} [(٢٦) سورة النبأ] وهل يقال: أن شريح في هذه الصفة يمدح أكثر من غيره ممن يتصدى كعطاء مثلاً يتصدى لإفتاء الناس؟ الآن السياق هذا سياق مدح، "وينبغي للمحرم ألا يتكلم إلا بما يعنيه، وكان شريح إذا أحرم كأنه الحية الصماء" هذا سياق مدح وإلا ذم؟ مدح بلا شك؛ لكن أي شريح وإلا عطاء الذي يتصدى للناس ويبرز إليهم، ويفتيهم، ويصدرون عن رأيه في هذا الباب أو غيره من سادات الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة إلى يومنا هذا، هل نقول: على الإنسان أن يحفظ نفسه، وينزوي في زاوية ويكون كالحية الصماء مجرد تسبيح وذكر وتهليل وتلاوة وقيام وما أشبه ذلك أو نقول: يبرز للناس وينفعهم إما ببدنه، وهذا موجود ولله الحمد موجود بكثرة في الشباب أو بعلمه وهذا موجود في الشيوخ، والأمة ما زال فيها خير، ويوجد من هذا النوع الشيء الكثير، يعني لو قيل أن بعض الناس -وهذا نادر- أنه يأتي إلى مكة وهذا ليس مبالغة، يعني يأتي إلى مكة ويصلي في صحن الحرم، ولا ينظر إلى الكعبة مطأطئ الرأس في جلوسه في مشيه، في صلاته، في سائر أحواله، هذا موجود ما هذه مبالغة، نعم موجود لكنها ندرة، هل نقول: أن مثل شريح كأنه الحية الصماء لا يتكلم إلا بذكر أو تلاوة أفضل من عطاء الذي يصدر الناس عن رأيه في هذه المسائل؟ نعم النفع المتعدي أفضل من النفع القاصر، لكن مثل شريح في هذه الصفة لا شك أنه أفضل ممن يصرف وقته ويبذل جهده في المباح، في الكلام المباح فضلاً عن الكلام المكروه أو المحرم، والله المستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>