للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: "له أن يعقد ما يحتاج إلى عقده كالإزار" الإزار لو لم يعقد أو يربط بحبل أو نحوه فإنه يسقط تنكشف العورة، فله حينئذ أن يعقده كالإزار وهميان النفقة الذي هو الحزام الذي يكون فيه جيوب توضع فيه الدراهم وما أشبهها، والرداء لا يحتاج إلى عقده؛ لأنه يثبت بمجرد وضعه بالنسبة لكثير من الناس، أما بعض الناس لا يثبت عنده الإزار، وحينئذ يباح له أن يعقده عقداً يثبته بقدر الحاجة، ولو استعمل المشبك يستعمل واحد، وبعض الناس يستعمل عشرين مشبك بحيث يكون كالمخيط، وبعضهم يستعمل أزارير من أعلاه إلى أسفله، فهذا لا يجوز بحال، ولم يقل بهذا لا شيخ الإسلام ولا غيره، إنما ما دام النزاع في عقده في أصل العقد فمن أباحه أباحه للحاجة، فلا يتعدى به موضع الحاجة، "لا يحتاج إلى عقده فلا يعقده، فإن احتاج إلى عقده ففيه نزاع، والأشبه جوازه حينئذ" يعني عند الحاجة، "وهل المنع من عقده منع كراهة أو تحريم؟ فيه نزاع، وليس على تحريم ذلك دليل، إلا ما نقل عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كره عقد الرداء، فاختلف المتبعون لابن عمر" يعني من استدل واحتج بقول ابن عمر، الذين أوردوا كلام ابن عمر في هذه المسألة اختلفوا، فمنهم من حمله على كراهة التنزيه، ومنهم من حمله على كراهة التحريم، وقد اختلف المتبعون لابن عمر فمنهم من قال هو كراهة تنزيه كأبي حنيفة، يعني لا يظن أن أبا حنيفة مقلد لابن عمر باستمرار؛ لأن اللفظ يوحي بهذا، المتبعون لابن عمر، يعني من أوردوا كلام ابن عمر في هذه المسألة.

طالب: من قال القول؟

المتبعون له في هذه المسألة، وأوردوا كلامه دليلاً؛ لأنه لا يوجد غيره حمل الكراهة على التنزيه، فمنهم من قال: هو كراهة تنزيه كأبي حنيفة وغيره، ومنهم من قال: كراهة تحريم، واللفظ محتمل لا سيما في إطلاق المتقدمين، وأما الرأس فلا يغطيه لا بمخيط ولا غيره، فلا يغطيه بعمامة ولا قلنسوة، وكل ما يغطي الرأس ممنوع ولا كوفية، طاقية، ولا ثوب يلصق به، ولا غير ذلك، أما ما لا يلتصق به، بل يرتفع عنه كالسقف مثلاً، أو الاستظلال بشيء، أو غطاء المحمل، أو غطاء الهودج، وما أشبه ذلك مما لا يلاصق الرأس فهذا في المسألة التي تلي هذه المسألة غداً -إن شاء الله-، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>