من أرسل عنه اطلع فيه على ما يقتضي رد خبره كما قد وجد ذلك كثيرا وقد سبق تقريره وأيضا فقيام الحجة بالحديث مبني على عدالة الرواة فلو استفيد عدالة الراوي من قيام الحجة به لزم الدور وعلى مقتضى قولهم يكون عدالة الراوي مأخوذة من قيام الحجة به
وبهذا أيضا يخرج الجواب عن الوجه السابع مع أنه خطاب محض والكلام في هذه المسألة إنما هو بعد تقرير أن المجهول العدالة غير مقبول الرواية على أنا نمنع أن المرسل عنه مجهول العدالة فقط بل مجهول العين ولا يقولون بقبوله كما سبق والقول بأنه لم يكن في عصر التابعين متهم بالكذب مردود بما تقدم وبالله التوفيق
فقد سبق أن سقوط الواحد من الإسناد يقتضي الخلل فيه وذلك إذا كان من مراسيل التابعين فإن كان من مراسيل من بعدهم فتطرق الخلل إليه أولى لغلبة الكذب والغلط والوهم في الأعصار المتأخرة فلو كان معضلا والساقط منه اثنان فصاعدا فأخذ يتطرق الخلل إليه
وبهذا يظهر أن القول بقبول مراسيل أهل الأعصار المتأخرة مع حذف السند كله واه جدا لا وجه له وقد تقدمت الإشارة إلى هذا غير مرة وإن ما يستدل به لذلك اتفاق الأمة في كل عصر على اعتبار الإسناد والبحث عن أحوال الرجال وقد اعترض على هذا الإمام أبو بكر الرازي في كتابه الأصول بأن خبر الواحد مقبول والعلماء متفقون في كل عصر على سماع الحديث من وجهين وثلاثة وأكثر قال فلما جاز أن يطلب الأثر من وجوه مختلفة ويروى من جهات كثيرة ولم ينف ذلك جواز الاقتصار على الواحد كذلك يروى الحديث فيذكر إسناده تارة ولا يدل ذلك على أن المرسل غير مقبول واعترض بعض المتأخرين على ذلك أيضا بأن فائدة الإسناد أنه إذا ذكر المروي عنه باسمه يمكن المجتهد من البحث عن عدالته والظن الحاصل له بعدالته من فحصه بنفسه أقوى من الظن الحاصل له بإرسال الراوي