والجواب عن الأول أن الفائدة في سماع الحديث من وجهين وأكثر بكثير غلبة الظن به وتقويته حتى ربما سينتهي إلى حصول العلم النظري به كما ذهب إليه جماعة من الأئمة في الخبر المشهور وهو المختار فليس طلبهم الحديث من وجوه كثيرة لا يفيد شيئا زائدا على ما يفيده خبر الواحد بخلاف المرسل فإن الذي يفيده الخبر المتصل من الظن بصدقة بعد البحث عن رجاله والوثوق بهم لا يفيده الخبر المرسل وإذا كان هذا الأمر مقصودا معتبرا بالاتفاق في كل عصر أعني طلب الإسناد ليحصل هذا المعنى ففي قبول المرسل من أهل الأعصار المتأخرة وحذف الإسناد بالكلية رفع لما اتفقوا عليه بالكلية
والجواب عن الثاني بمنع إرسال الراوي يحصل الظن بعدالة المرسل عنه وقد مضى تقرير ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم
الطرف الثالث في أدلة القائلين بالتفصيل ممن يقبل بعض أنواع المرسل دون بعض
أما القائلون بقبول مراسيل التابعين وأتباعهم دون أهل القرن الرابع وهو ما حكاه جماعة من الأصوليين عن عيسى بن أبان ولم يحكه أبو بكر الرازي إلا عن بعض شيوخهم والذي حكاه عن ابن أبان أنه قال من أرسل من أهل زماننا حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان من أئمة الدين وقد نقله عن أهل العلم فإن مرسله مقبول كما يقبل مسنده قال ومن حمل عنه الناس الحديث المسند ولم يحملوا عنه المرسل فإن مرسله عندنا موقوف قال الرازي ففرق في أهل زمانه بين من حمل عنه أهل العلم المرسل دون من لم يحمل عنه إلا المسند قال والذي يعني بقوله حمل عنه الناس قبولهم لحديثه لأسماعه لأن سماع المرسل وغير المرسل جائز ثم قال أبو بكر الرازي والصحيح عندي وما يدل عليه مذهب أصحابنا أن مرسل التابعين واتباعهم مقبول ما لم يكن الراوي ممن يرسل الحديث عن غير الثقات وقال قبل ذلك ولم أر أبا الحسن الكرخي يفرق بين المرسل من سائر أهل الأعصار