للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الراضي بالله عليه ما يريد معه قتله، فراسلني يقول: هذا أبو محمد وكان إذ ذاك كاتب أبي بكر بن رائق يسألني خطاب الراضي بالله عن صاحبي في نقله إلى دار وزيره إلى أن يؤدي ما قرر عليه أمره. قال: فجئت إلى الراضي بالله وقلت له: يا أمير المؤمنين، علي بن عيسى خادمك وخادم آبائك، ومن قد عرفت محله من الصناعة، وموقعه من جمال المملكة، ومن حاله وأمره كذا وكذا. فقال: هو كذلك، ولكن له عندي ذنوب. وأخذ يعدد ذنوب عبد الرحمن: فقلت له: يا مولانا، وأي درك يلزمه فيما قصر فيه أخوه؟ قال: سبحان الله، وهل دبر عبد الرحمن إلا برأيه وأمضى شيئاً أو وقفه إلا عن أمره أو أمري إياه بألا يحل ولا يعقد إلا بموافقته؟ وأقبلت أعتذر له وأجعل بإزاء كل ذنب حجة. قال: دع ذا، ما خاطبني قط إلا قال واك فهل يتلقى الخلفاء بمثل ذاك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، إن هذا طبع له قد ألف منه وحفظ عليه، وعيب به في أيام خدمته للمقتدر بالله رحمة الله عليه وما استطاع أن يفارقه مع شبه عليه وتعوده إياه. فقال: أعمل على أنه خلق، أما كان يمكنه أن يغيره مع ما وصفته من فضله وعقله، أو يتحفظ معي خاصة فيه مع قلة اجتماعي معه ومخاطبتي إياه؟ وما يفعل ما يفعله إلا عن تهاون وقلة مبالاة. فقبلت الأرض مراراً بين يديه وقلت: الله الله أن يتصور مولانا ذلك فيه، وإنما هو عن سوء توفيق، والعفو من أمير المؤمنين مطلوب. ولم أزل إلى أن أمر بنقله إلى دار وزيره، ونقل وصحح ما أُخذ به خطه، وصرف إلى منزله. وحدث القاضي أبو علي قال: حدثني جماعة من أهل الحضرة أن رجلاً

<<  <   >  >>