للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فوقع علي بن عيسى عن جوابه: قد أدته البلاغة إلى الإرادة، فليكتب بإقراره على العمل، وإسعافه بالأمل، إن شاء الله. وورد الحضرة قوم من أهل ديار ربيعة يتظلمون من حيف لحقهم في معاملاتهم، فكتب على أيديهم إلى المحسن بن محمد بن عينونة العامل هناك كتاباً نسخته. بسم الله الرحمن الرحيم. في علمك أكرمك الله بما أمر الله به من العدل والإحسان، ونهى عنه من الجور والعدوان، وعاقب به الظالمين في سالف الأزمان، غني لك عن التنبيه والتوقيف، والوعظ والتخويف: وفيما رسمته لك مشافهة ومكاتبة في إنكار الظلم وإزالته، وإظهار العدل وإفاضته، كفاية وبلاغ. وقد ورد الحضرة أكرمك الله جماعة من وجوه التناء والمزارعين بديار ربيعة متظلمين مما عوملوا به في سني إحدى واثنتين وثلاث عشرة وثلاثمائة، من إكراههم على تضمن غلات بيادرهم بالحزر والتقدير وإلزامه حق الأعشار في ضياعهم على التربيع، واستخراج الخراج منهم على أوفر عبر قبل إدراك غلاتهم وثمارهم، وإكراه وجوههم وتجارهم على ابتياع الغلات السلطانية بأسعار مسرفة مجحفة. فأقلقني ما أفاضوا فيه من الشكوى، وآلمني ما انتهى إلي وصفه من عظيم البلوى، ووجدته مع قبيح ذكره وعظيم وزره عائداً بخراب الضياع، ونقصان الارتفاع. فينبغي أكرمك الله أن تجري سائر رعيتك على المعاملات القديمة، وتحملهم على الرسوم السليمة، حتى يعودوا إلى أفضل حال عهدوها، وأجمل سيرة حمدوها، وتزيل السنن الجائرة وتبطلها، وتقطع أسبابها وتحسمها، وتكتب إلي بما يكون منك في ذلك فإنني على اهتمام به، ومراعاة له، إن شاء الله.

<<  <   >  >>