للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الله أمير المؤمنين فيما استرعاه من أمور المسلمين مؤثراً ما يرضيه، مثابراً على ما يزلف عنده ويحظيه، وما توفيق أمير المؤمنين إلا بالله، عليه يتوكل، وبه يستعين. وقد عرفت حال السجزية والخرمية الذين تغلبوا على كور فارس وكرمان، واستعملوا الجور والعدوان، وأظهروا العتو والطغيان، وانتهكوا المحارم، وارتكبوا العظائم، حتى أنفذ أمير المؤمنين جيوشه إليهم، وتورد بها عليهم، فأزالهم وأبادهم، وشتتهم وأبارهم بعد حروب تواصلت، ووقائع تتابعت، أحل الله بهم فيها سطوته، وعجل لهم نقمته، وجعلهم عبرةً للمعتبرين، وعظةً للمستمعين. " وَكَذَلِكَ أَخْذ رَبِّكَ إذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَديِدٌ " ولما محق الله أمر هؤلاء الكفار، وفرق عدد أوباشهم الفجار، وجد أمير المؤمنين أفظع ما اخترعوه، وأشنع ما ابتدعوه، في مدتهم التي طال أمدها، وعظم ضررها، تكملة اجتبوها بكور فارس في سني غوايتهم لما طالبوا أهلها بالخراج على أوفر عبرتهم من غير اقتصار فيه على الموجودين، حتى فضوا عليهم خراج ما خرب من ضياع المفقودين، فأنكر أمير المؤمنين ما استقر من هذا الرسم الذميم، وأكبر ما استمر به الظلم العظيم، ورأى صيانة دولته عن قبيح معرته، وحراسة رعيته من عظيم مضرته، مع كثرته ووفور جملته. فارفع عن الرعية هذه التكملة رفعاً مشهوراً، فقد جعل الله من سنها مدحوراً. وناد في المساجد الجامعة بإزالتها وإبطال جبايتها. ليذيع ذلك في الجمهور، ويتمكن السكون إليه في الصدور، ويحمد الله الكافة على ما أتاحة الله لها من تعطف أمير المؤمنين ورعايته، وجميل حياطته

<<  <   >  >>