عَلَى يَدهَا وأضعجته عَلَى اَلْأَرْض وَوَقَفَتْ بِجَانِيهِ سَاعَة تَنْظُر إِلَيْهِ جَامِدَة سَاكِنَة كَأَنَّهَا غَيْر آبِهَة وَلَا حَافِلَة ثُمَّ هَتَفَتْ صَارِخَة واشقيقاه! وَسَقَطَتْ فوقة تَضُمّهُ وَتَقْبَلهُ وَتَلْثِم شِعْره وَجَبِينه وتزفر فِيمَا بَيْن ذَلِكَ زَفِيرًا مُتَدَارِكًا كَأَنَّمَا تَنْفُث أَفْلَاذ كَبِدهَا نَفَثَا حَتَّى نَالَ مِنْهَا اَلْجُهْد فَتَرَنَّحَتْ قَلِيلًا ثُمَّ هَوَتْ بِجَانِبِهِ هَوَى اَلْ} دَعْ اَلسَّاقِط لَا حَرَاك بِهَا فَأَهَمَّنِي أَمَرَهَا وَخَفَتَ أَنْ يَكُون قَدْ اَلْحَقّ بِهَا مَكْرُوه فَمَشَيْت إِلَيْهَا حَتَّى صِرْت بِجَانِبِهَا فَشَعَرَتْ بِأَنْفَاسِهَا اَلضَّعِيفَة تَتَرَدَّد فِي صَدْرهَا فَعَمِلَتْ أَنَّهَا حَيَّة فَجَلَسَتْ فَوْق رَأْسهَا أَنْدُبهَا وَأَدْعُو اَللَّه لَهَا حَتَّى استفاقت بَعْد هُنَيْهَة فَرَأَيْتنِي بِجَانِبِهَا فَنَظَرَات إِلَى نَظْرَة حَائِرَة ثُمَّ تَقَدَّمَتْ نَحْوِي وَقَالَتْ عَلَى مَنْ تَبْكِي أَيُّهَا اَلرَّجُل اَلْغَرِيب ? قُلْت أَبْكِي عَلَيْك يَا سَيِّدَتِي وَعَلَى فَقِيدك اَلْبَائِس اَلْمِسْكِين قَالَتْ نَعَمْ إِنَّهُ بَائِس مِسْكِين فَابْكِ عَلَيْهِ يَا سَيِّدِي كَثِيرًا فَقَدْ كَانَ زِينَة اَلشَّبَاب وَزَهْرَة اَلْحَيَاة وَرَيْحَانَة اَلنُّفُوس وَمُتْعَة اَلْأَفْئِدَة وَالْقُلُوب وَلَقَدْ ظَلَمُوهُ إِذْ قَتَلُوهُ فَمَا كَانَ قَاتِلًا وَلَا مُجْرِمًا وَلَكِنَّهُ رَجُل رَأَى عَرْضه فَرِيسَة فِي يَد مَنْ يُرِيد تَمْزِيقه فَقَطْع تِلْكَ اَلْيَد اَلْمُمْتَدَّة إِلَيْهِ وَانْتَقَمَ لِنَفْسِهِ وَلِلشَّرَفِ وَالْفَضِيلَة مِنْهَا وَلَوْ أَنْصَفُوهُ لَا ستبقوه رَحْمَة بِهِ وَيُسَابّهُ فَمَا أَجْرَمَ مَنْ ذَادَ عَنْ عَرْضه وَلَا أَثِمَ مِنْ قَتْل قَاتِله قُلْت هَلْ لَك أَنْ تَقُصِّي عَلَيَّ قِصَّته يَا سَيِّدَتِي ? قَالَتْ نَعَمْ.
نَزَلَ قَرْيَتنَا صَبَاح يَوْم مِنْ اَلْأَيَّام قَائِد مِنْ قُوَّاد اَلْأَمِير اَلَّذِينَ يَطُوفُونَ اَلْبِلَاد لِجَمْع اَلضَّرَائِب فَمَرَّ بِأَبْيَات اَلْقَرْيَة بَيْتًا بَيْتًا حَتَّى بَلَغَ مَنْزِلنَا وَكُنْت وَاقِفَة عَلَى بَابه فَنَظَر إِلَيَّ نَظْرَة مُرِيبَة طَارَ لَهَا قَلْبِي رَعَبَا وَفَرَّقَا ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ أَخِي فَأَرْشَدَتْهُ إِلَى مَكَانه فَسَأَلَهُ عَنْ اَلْمَال فأستنسأه إِيَّاهُ قَلَائِل حَتَّى يَبِيع غَلَّته فَأَبَى إِلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute