للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ يَنْقُدهُ اَلسَّاعَة أَوْ يَأْخُذنِي رَهِينَة عِنْده إِلَى يَوْم اَلْوَفَاء وَغَمْز بِي بَعْض أَعْوَانه فَدَارُوا حَوْلِي وَكُنْت أَسْمَع قَبْل اَلْيَوْم حَدِيث أُولَئِكَ اَلْفَتَيَات اَلشَّقِيَّات اَللَّوَاتِي يُدْخِلْنَ رَهَائِن فِي قَصْر اَلْأَمِير فَلَا يَخْرُجْنَ مِنْهُ إِلَّا سَاقِطَات أَوْ مَحْمُولَات فَفَزِعَتْ إِلَى أَخِي وَلَصِقَتْ بِهِ فَوَقَفَ بَيْنِي اَلرَّجُل وَقَالَ لَهُ لَا شَأْن لَك مَعَ اَلْفَتَاة إِنَّمَا أَنَا صَاحِب اَلْمَال وَأَنَا اَلْمَأْخُوذ بِهِ مِنْ دُون اَلنَّاس جَمِيعًا فَإِنْ كَانَ لَا بُدّ لَك مِنْ رَهِينَة فَأَنَا رَهِينَة مَالِي حَتَّى يَصِل إِلَيْك فَقَالَ لَهُ لَابُدَّ مِنْ اَلْمَال أَوْ اَلرَّهِينَة وَلَا بُدّ أَنْ تَكُون اَلرَّهِينَة كَمَا أُرِيد فَإِنْ أَبَيْت فَحَيَاتك فِدَاء عَنْهَا فَغَضِبَ أَخِي غضبة اِنْتَفَضَ لَهَا جَبِينه عَرَق وَلَمْ أَرَهُ فِي سَاعَة مِنْ سَاعَات غَضَبه قَبْل اَلْيَوْم وَقَالَ لَهُ فَلْتَكُنْ حَيَاتِي فَدَاء لِشَرَفِي ثُمَّ جَرَّدَ سَيْفه وَضَرْبه بِهِ ضَرْبَة طَارَتْ بِرَأْسِهِ وَوَقَفَ فِي مَكَانه لَا يَبْرَحهُ وَسَيْفه يَقْطُر دَمًا حَتَّى غِلّه اَلْأَعْوَان وَاحْتَمَلُوهُ إِلَى اَلسِّجْن فَتِلْكَ حَيَاته يَا سَيِّدِي وَذَاكَ مَمَاته فَلَئِنْ بَكَيْته أَنَا أَبْكِي فَتِيّ اَلْفِتْيَان هِمَّة وَنَجْدَة وَنَادِرَة اَلرِّجَال عِزَّة واباء وَأَفْضَل اَلْأُخُوَّة رَحْمَة وَحَنَانًا.

ثُمَّ قَالَتْ هَلْ لَك أَنْ تُعِيننِي يَا سَيِّدِي عَلَى مواراته قَبْل أَنْ يَحُول اَلنَّهَار بَيْنِي وَبَيْنه فَقَدْ أَصْبَحَتْ وَاهِيَة متضعضعة لَا أَقْوَى عَلَى شَيْء فَقُمْت إِلَى اَلشَّجَرَة فاحتفرت حَوْل سَاقهَا حُفْرَة بِجَانِب حُفْرَة اَلشَّيْخ فَوَارَيْته فِيهَا فَتَقَدَّمَتْ اَلْفَتَاة نَحْو اَلْقَبْر وَجَثَتْ بِجَانِيهِ سَاعَة مِطْرَقَة سَاكِنَة لَا أَعْلَم هَلْ هِيَ بَاكِيَة أَوْ ذاهلة حَتَّى فَارَقَتْ مَكَانهَا فَرَأَيْت تُرْبَة اَلْقَبْر مخصله بِدُمُوعِهَا ثُمَّ مَدَّتْ يَدهَا إِلَيَّ وَقَالَتْ:

شَكَرَا لَك يَا سَيِّدِي فَقَدْ أَعَنْتنِي عَلَى مَوْقِف قَلَّمَا يَجِد فِيهِ مُسْتَعِين مُعَيَّنًا وَمَضَتْ لِسَبِيلِهَا.

<<  <   >  >>