فِي مَنْزِل يُهَيِّئهُ لَهَا يوقم بِنَفَقَاتِهَا فِيهِ عَلَى أَنْ تَأْذَن لَهُ بِالِاخْتِلَافِ إِلَيْهَا مِنْ حِين إِلَى حِين ثُمَّ سَافَرَا فِي اَلْيَوْم اَلثَّانِي إِلَى بَارِيس. .
وَمُنْذُ ذَلِكَ اَلْيَوْم تَغَيَّرَتْ صُورَة حَيَاتهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَبْل فَأَصْبَحَتْ تَعِيش فِي قَصْرهَا اَلَّذِي هَيَّأَهُ لَهَا اَلدُّوق عَيْشًا بَيْن اَلْعُزْلَة وَالِاخْتِلَاط فَلَا تَسْتَقْبِل اَلنَّاي فِيهِ إِلَّا قَلِيلًا وَلَا تَمْتَزِج مَعَ اَلَّذِينَ تَسْتَقْبِلهُمْ اَلِامْتِزَاج كُلّه وَرُبَّمَا مَرَّتْ بِهَا أَيَّام لَا يَرَاهَا اَلنَّاس خَارِج قَصْرهَا إِلَّا قَلِيلًا فَإِذَا خَرَجَتْ رَكِبَتْ عَرَبَتهَا وَحْدهَا دُون رَفِيق أَوْ رَفِيقه وَمَشَتْ فِي طَرِيقهَا تَقْرَأ فِي كِتَاب أَوْصِ حيفة فَرُبَّمَا مَرَّ بِهَا كَثِير مِمَّنْ تُعَرِّفهُمْ فَلَا تَرَاهُمْ فَإِذَا وَقَعَ نَظَرهَا عَلَى وَاحِد مِنْهُمْ اِبْتَسَمَتْ أَدْرَاجهَا حَتَّى تَصِل مُنَزَّه الشانزليزيه فَتَنْزِل مِنْ عَرَبَتهَا وَتَمْشِي فِي اَلْغَابَة عَلَى قَدَمَيْهَا سَاعَة ثُمَّ تَعُود إِلَى قَصْرهَا فَإِذَا جَاءَ اَللَّيْل ذَهَبَتْ إِلَى مَلْعَب اَلتَّمْثِيل وَحْدهَا أَوْ مَعَ اَلرَّجُل اَلْقَائِم بِشَأْنِهَا فَتَقْضِي فِيهِ أَكْثَر وَقْتهَا نَاظِرَة إِلَى اَلْمَسْرَح لَا يَشْغَلهَا كَثْرَة اَلنَّاظِرِينَ إِلَيْهَا أَوْ اَلْمُتَهَافِتِينَ عَلَى مَقْصُورَتهَا عَنْ تَتَبُّع فُصُول اَلرِّوَايَة وَالِاهْتِمَام بِوَقْعِهَا حَتَّى تَنْتَهِي.
فَلَمْ تَمْضِ عَلَيْهَا أَيَّام كَثِيرَة حَتَّى عِلْم اَلنَّاس جَمِيعًا أَنَّ مَرْغِرِيت قَدْ اِسْتَحَالَتْ حَالهَا وَتَغَيَّرَتْ صُورَة حَيَاتهَا وَأَنَّهَا قَدْ قَنِعَتْ بِهَذِهِ اَلْحَيَاة اَلْجَدِيدَة حَيَاة اَلْهُدُوء وَالسَّكِينَة وَالْوَحْشَة وَالِانْفِرَاد وَرَضِيتهَا لِنَفْسِهَا فَلَا سَبِيل إِلَى مُغَالَبَتهَا عَلَيْهَا فَقَصَّرَتْ عَنْهَا أَسْمَاعهمْ وَانْقَطَعَتْ مِنْهَا سَبِيل إِلَى مُغَالَبَتهَا عَلَيْهَا فَقَصَّرَتْ عَنْهَا أَطْمَاعهمْ وَانْقَطَعَتْ مِنْهَا آمَالهمْ وَظَلُّوا يَتَلَمَّسُونَ اَلْأَسْبَاب لِتِلْكَ اَلْحَالَة اَلْغَرِيبَة اَلَّتِي طَرَأَتْ عَلَيْهَا فَذَهَبُوا فِي شَأْنهَا اَلْمَذَاهِب كُلّهَا إِلَّا اَلْمَذْهَب اَلصَّحِيح مِنْهَا وَهِيَ أَنَّ تِلْكَ اَلْحَادِثَة اَلْمُحْزِنَة اَلَّتِي حَدَثَتْ لِابْنَة اَلدُّوق شَبِيهَتهَا فِي صُورَتهَا وَمَرَضهَا قَدْ أَثَّرَتْ فِي نَفْسهَا تَأْثِيرًا شَدِيدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute