للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْك حَتَّى يَمُنّ اَللَّه بِرَاحَة اَلْيَأْس مِنْك.

ثُمَّ نَظَرَتْ إِلَيْهِ لِتَرَى مَا يَقُول فَإِذَا هُوَ جَامِد مُصْفَرّ كَأَنَّ وَجْهه وَجْه تِمْثَال مَنْحُوت وَإِذَا عَيَّنَّاهُ شَاخِصَتَانِ إِلَيْهَا شُخُوص اَلْعَيْن اَلْقَائِمَة اَلَّتِي تَنْظُر إِلَى اَلشَّيْء وَلَا تَرَاهُ وَبَعْد لِأَيّ مَا اِسْتَطَاعَ أَنْ يُحَرِّك شَفَتَيْهِ وَيَقُول لَهَا بِصَوْت خَافِت كَصَوْت اَلضَّمِير وَمَا يُخْفِيك مِنْ اَلْحُبّ يَا مَرْغِرِيت قَالَتْ يُخْفِينِي مِنْهُ اَلْعِقَاب اَلْأَلِيم اَلَّذِي أَتَوَقَّع أَنْ يُعَاقِبنِي بِهِ اَللَّه عَلَى مَا اِقْتَرَفَتْ مِنْ اَلذُّنُوب وَالْآثَام فِي فَاتِحَة حَيَاتِي فَقَدْ كُتِبَ اَللَّه لَنَا مَعْشَر اَلنِّسَاء اَلسَّاقِطَات فِي لَوْح مَقَادِيره أَنْ لَا نَزَال نَعْبَث بِقُلُوب اَلرِّجَال وَعُقُولهمْ وَنَبْتَلِيهِمْ بِصُنُوف اَلْعَذَاب وَأَنْوَاع اَلْآلَام حَتَّى يَغْضَب اَللَّه لَهُمْ وَيَغَار عَلَيْهِمْ فَيَبْتَلِينَا بِحُبّ نَحْمِل فِيهِ اَلْعَذَاب جَمِيع مَا حَمَّلْنَاهُ مِنْ قَبْل وَنَشْقَى فِيهِ شَقَاء لَا يَنْتَهِي إِلَّا بِانْتِهَاء حَيَاتنَا فَنَمُوت بَيْن يَدَيْ أَنْفُسنَا مُهْمَلَات مُغَفَّلَات لَا يَنْعَانَا نَاعٍ وَلَا يُبْكِي عَلَيْنَا بِك فَهَذَا اَلَّذِي أَخَافهُ وَأَخْشَاهُ وَأُحِبّ أَنْ يَسْبِق إِلَى أَجْلِي قَبْل أَنْ أَرَاهُ.

أَنَا لَا أَتَّهِمك بِالْخِيَانَةِ وَالْغَدْر يَا أَرْمَان فَأَنْتَ أَجْل مَنْ ذَلِكَ عِنْدِي وَلَكِنِّي أَعْلَم أَنَّك بَاقٍ فِي هَذَا اَلْبَلَد إِلَى أَجَل فَإِذَا اِنْقَضَى اَلْأَجَل سَافَرَتْ إِلَى أَهْلك سَفَرًا لَا تَمْلِك بَعْده اَلْعَوْدَة إِلَيَّ فَإِنَّ أَبَيْت إِلَّا اَلْبَقَاء بِجَانِبَيْ حَال أَهْلك بَيْنِي وَبَيْن ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَوْم شُرَفَاء يَضَنُّونَ بِك وَبِشَرَفِك أَنَّ تَلَوُّثهمَا اِمْرَأَة مُومِس بِعَارِهَا وشنارها أَقِف مَوْقِف اَلْحَيْرَة وَاللَّوْعَة أَطْلُب اَلسَّبِيل إِلَيْك فَلَا أَجِدك والسلو عَنْك فَلَا أَسْتَطِيعهُ وَرُبَّمَا حَاوَلَتْ بَعْد ذَلِكَ اَلْعَوْدَة إِلَى

<<  <   >  >>