سَاعَة نطفه بِالْحُكْمِ فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِ تُحَدِّثهُ وَتَقُول:
عَرَفَتْك يَا أَرْمَان فَعَرَفَتْ فِيك اَلرَّجُل اَلْكَرِيم اَلَّذِي أَحَبَّنِي لِنَفْسِي أَكْثَر مِمَّا أَحَبَّنِي لِنَفْسِهِ وَالصَّدِيق اَلْوَفِيّ اَلَّذِي اِمْتَزَجَتْ فِي قَلْبه عَاطِفَة اَلْحُبّ بِعَاطِفَة اَلرَّحْمَة وَالْحَنَان فَآوَى إِلَى مَرِيضه حِينَمَا جَفَانِي اَلنَّاس لِمَرَضِيّ وَعَاشَ مَعِي بِلَا أَمَل حِينَمَا اِنْقَطَعَ اَلنَّاس عَنِّي لِانْقِطَاع أَمَلهمْ مِنِّي فَأَضْمَرَتْ لَك فِي قَلْبِي مِنْ اَلْحُبّ وَالِاحْتِرَام مَا لَمْ أُضْمِرهُ أَحَد سِوَاك وَسَعِدَتْ بِك سَعَادَة لَمْ أَشْعُر بِمِثْلِهَا فِي يَوْم مِنْ أَيَّام حَيَاتِي وَلَكِنَّ اَللَّه اَلَّذِي كَتَبَ لِي اَلشَّقَاء فِي لَوْح مَقَادِيره مِنْ ضجعة اَلْمَهْد إِلَى رَقْدَة اَللَّحْد لَمْ يَشَأْ أَنْ يُمْتِعنِي طَوِيلًا بِهَذِهِ اَلسَّعَادَة وَأَبِي إِلَّا أَنْ يسلبنيها وَشِيكًا فَقَدْ أَصْبَحَتْ أَشْعَر مُنْذُ أَيَّام أَنَّ تِلْكَ اَلْعَاطِفَة اَلشَّرِيفَة اَلْمُقَدَّسَة اَلَّتِي كُنْت أَسْتَمِدّ مِنْهَا سَعَادَتِي وَهَنَائِي قَدْ أَخَذَتْ تَسْتَحِيل فِي أَعْمَاق قَلْبِي إِلَى عَاطِفَة أُخْرَى غَيْرهَا لَا أُرِيدهَا لِنَفْسِي وَلَا أَرَى إِلَّا أَنَّهَا سَتَكُونُ سَبَب شَقَائِي وَبَلَائِي فَخَادَعَتْ نَفْسِي عَنْهَا حِينًا أَكْذَبهَا مَرَّة وَأَصْدَقهَا أُخْرَى حَتَّى كَانَ مَا كَانَ مِنْ اِنْقِطَاعك عَنَى تِلْكَ اَلْأَيَّام اَلثَّلَاثَة فَشَعَرَتْ لِغِيَابِك بِحُزْن قَلْبِيّ وأمضني وَمَلِك عَلِيّ جَمِيع عَوَاطِفِي وَمَشَاعِرِي وَلَوْ شِئْت أَنْ أَقُول لَقُلْت إِنَّهُ أَبْكَانِي كَثِيرًا وأسهرني طَوِيلًا فَعَلِمَتْ وأسفاه أَنَّنِي قَدْ أَصْبَحَتْ عَاشِقَة وَأَنْ هَذَا اَلَّذِي يَخْتَلِج فِي قَلْبِي وَيُقِيمنِي وَيُقْعِدنِي إِنَّمَا هُوَ اَلْحُبّ وَالْغَرَام فَقَضَيْت لَيْلَة اَلْأَمْس كُلّهَا أُفَكِّر فِي طَرِيق اَلْخَلَاص مِنْ هَذِهِ اَلنَّكْبَة اَلْعُظْمَى اَلَّتِي نَزَلَتْ بِي فَلَمْ أَجِد أَحَدًا يُخَلِّصنِي مِنْهَا سِوَاك فَأَنَا أَسْأَلك يَا أَرْمَان بَاسِم اَلصَّدَاقَة وَالْوِدّ اَلَّذِي تَعَاقَدْنَا عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ بَلْ بِاسْم اَلدُّمُوع اَلَّتِي طَالَمَا كُنْت تَسْكُبهَا رَحْمَة بِي وَإِشْفَاقًا عَلَيَّ أَنْ تَنْقَطِع عَنْ زِيَارَاتِي مُنْذُ اَلْيَوْم وَأَنْ تُسَافِر إِلَى أَهْلك اَللَّيْلَة إِنْ اِسْتَطَعْت ثُمَّ لَا تُعَدّ إِلَى بُعْد ذَلِكَ فَأَحْمِل نَفْسِي عَلَى اَلصَّبْر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute