للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأُعْطَهُ إِيَّاهُ ثُمَّ رَكِبْت عَرَبَتهَا هِيَ وَخَادِمَتهَا وَانْصَرَفْت قَالَ أَلَّا تَعْلَم أَيْنَ ذَهَبَتْ قَالَ أَحْسَب أَنِّي سَمِعْتهَا تَقُول للحوذي عِنْد رُكُوبهَا إِلَى مَنْزِل المركيز جَانّ فِيلِيب فجمى أَرْمَان فِي مَكَانه جُمُود اَلصَّنَم وَاسْتَحَالَ لَوْنه إِلَى صُفْرَة اَلْمَوْت وَمَرَّ بِخَاطِرِهِ مُرُور اَلْبَرْق ذَلِكَ اَلْكِتَاب اَلَّذِي رَآهُ فِي يَدهَا بَعْد عَوْدَته إِلَيْهَا مِنْ مُقَابَلَة أَبِيهِ فَتَرْكه اَلْحَارِس مَكَانه وَذَهَبَ إِلَى غُرْفَته وَعَاد إِلَيْهِ بِالْكِتَابِ فَتَنَاوُله مِنْهُ بِيَد مُرْتَجِفَة وَنَشْره وَأَمْر نَظَره عَلَيْهِ إِمْرَارًا فَأَحَاطَ بِمَا فِيهِ لِلنَّظْرَةِ اَلْأُولَى فَارْتَعَدَ جِسْمه اِرْتِعَادًا شَدِيدًا وَتَرَاجُع خُطْوَة أَوْ خُطْوَتَيْنِ إِلَى بَاب اَلْقَصْر فَأَسْنَدَ ظَهْره إِلَيْهِ وَأَعَادَ قِرَاءَته فَإِذَا هُوَ مُشْتَمِل عَلَى هَذِهِ اَلْكَلِمَات هَذَا آخَر مَا بَيْنِي وَبَيْنك يَا أَرْمَان فَلَا تُحَدِّث نَفْسك بِمُعَاوَدَة اَلِاتِّصَال بِي وَلَا تَسْأَلنِي عَنْ اَلسَّبَب فِي ذَلِكَ فَلَا سَبَب عِنْدِي إِلَّا أَنِّي هَكَذَا أَرَدْت لِنَفْسِي وَالسَّلَام. فَعَلَّقَ نَظَره بِالْكِتَابِ سَاعَة لَا يَرْفَع طَرَفه عَنْهُ وَلَا يَقْرَأ مِنْهُ حَرْفًا كَأَنَّمَا هُوَ تِمْثَال مِنْ تَمَاثِيل اَلْحَدِيقَة وَكَانَ اَلْحَارِس قَدْ عَادَ إِلَى شَجَرَته يُشَذِّب أَغْصَانهَا وَيَتَغَنَّى فِي صُعُوده إِلَيْهَا وَانْحِدَاره عَنْهَا بِقِطْعَة مِنْ اَلشِّعْر اَلْغَرَامِيّ يُعْجِبهُ لَحْنهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَفْهَم مَعْنَاهَا فَإِنَّهُ لكذلك إِدّ سَمِعَ صَوْت جِسْم ثَقِيل قَدْ سَقَطَ عَلَى مَعْنَاهَا فَإِنَّهُ لكذلك إِذْ سَمِعَ صَوْت جِسْم ثَقِيل قَدْ سَقَطَ عَلَى اَلْأَرْض فَرَمَى بِفَأْسِهِ وَهَرِعَ إِلَى نَاحِيَة اَلصَّوْت فَرَأَى أَرْمَان صَرِيعًا مُعَفَّرًا تَحْت عَتَبَة اَلْبَاب فَفَزِعَ فَزَعَقَا شَدِيدًا وَظَنَّهَا الصرعة اَلْكُبْرَى فَأَهْوَى بِأُذُنِهِ إِلَى صَدْره فَسَمِعَ مَا بَقِيَ مِنْ دَقَّات قَلْبه فَاطْمَأَنَّ قَلْبًا وَعَمْد إِلَى جَرَّة بَيْن يَدَيْهِ فَأَخَذَ يَنْضَح بِمَائِهَا وَجْهه يَدُلّك بِرَاحَة يَده صَدْره وَصُدْغَيْهِ حَتَّى استفاق بَعْد قَلِيل فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ فَرَأَى اَلْحَارِس جَالَسَا بِجَانِبِهِ وَرَأَى اَلْكِتَاب لَا يَزَال

<<  <   >  >>