مِنْهُمْ اَلْقَلِيل فَلَمْ يُغْنِ عَنْهَا شَيْئًا وَاخْتَلَفَتْ إِلَيْهَا جَرَائِد اَلْحِسَاب يَطْلُب أَصْحَابهَا سَدَاد مَا فِيهَا فَدَافِعَتهمْ عَنْهَا حِينًا ثُمَّ عَجَزَتْ فَحَجَزُوا عَلَى جَمِيع مُقْتَنَيَاتهَا وَذَخَائِرهَا وَأَثَاث بَيْتهَا ورياشه ولؤموا فِي مُقَاضَاتهَا لُؤْمًا ضَاعَفَ حُزْنهَا وَمَرَّضَهَا وَقُضِيَ عَلَى بَقَّة مَا كَانَتْ تُضْمِرهُ فِي نَفْسهَا مِنْ اَلْأَمَل فِي اَلْحَيَاة وَالسَّعَادَة فِيهَا فَنَسِيَتْ اَلْعَالَم خَيْره وَشَرّه وَالْحَيَاة سَعَادَتهَا وَشَقَاءَهَا وَأَصْبَحَتْ لَا تُفَكِّر إِلَّا فِي أَمْر وَاحِد تَقُوم وَتَقْعُد بِهِ لَيْلهَا وَنَهَارهَا وَهُوَ ان تُرَى أَرْمَان سَاعَة وَاحِدَة قَبْل مَوْتهَا ثُمَّ تَذْهَب إِلَى رَبّهَا.
وَلَمْ تَكُنْ قَدْ كَتَبَتْ إِلَيْهِ قَبْل اَلْيَوْم كَلِمَة وَاحِدَة مُنْذُ فَارَقَهَا وَلَا كُتُب إِلَيْهَا فَنَهَضَتْ تَتَحَامَل عَلَى نَفْسهَا حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى مِنْضَدَتهَا فَكَتَبَتْ إِلَيْهِ هَذَا اَلْكِتَاب تَعَالٍ إِلَى يَا أَرْمَان رَاضِيًا كُنْت أَوْ غَاضِبًا فَإِنَّنِي مَرِيضَة مُشَرِّفَة وَأَحَبَّ أَنْ أَرَاك قَبْل مَوْتَى لِأَقْضِيَ لَك بِسِرّ اَلذَّنْب اَلَّذِي أذنبته إِلَيْك فِيمَا مَضَى وَاَلَّذِي لَا تَزَال واجدا عَلَى بِسَبَبِهِ حَتَّى اَلْيَوْم فَلَعَلَّك تَعْفُو عَنِّي فِي سَاعَتِي اَلْأَخِيرَة فَيَكُون عَفْوك وَرِضَاك هُوَ كُلّ مَا أتزوده مِنْ هَذِهِ اَلْحَيَاة لِقَبْرِي وَاذْكُرْ يَا أَرْمَان أَنَّ أَوَّل عَاطِفَة جَمَعَتْ بَيْنِي وَبَيْنك وَأَلَّفَتْ بَيْن قَلْبِي وَقَلْبك كَانَتْ عَاطِفَة اَلرَّحْمَة وَالشَّفَقَة فَهَا هِيَ اَلْفَتَاة اَلْمَرِيضَة اَلْمِسْكِينَة اَلَّتِي رَحِمَتْهَا بِالْأَمْسِ وَعَطَفَتْ عَلَيْهَا قَبْل أَنْ تُحِبّهَا تَدْعُوك اَلْيَوْم أَنْ تَرْحَمهَا وَتَعْطِف عَلَيْهَا وَإِنَّ تُكِنّ قَدْ سَلْوَتهَا أَمَّا كِتَابك اَلَّذِي كَتَبَتْهُ إِلَيَّ قَبْل سَفَرك فَقَدْ اغتفرت لَك كُلّ مَا فِيهِ حَتَّى قَوْلك إِنَّنِي كُنْت كَاذِبَة فِي حُبُك طَامِعَة فِي مَالِك لِأَنِّي أَعْلَم أَنَّ اَلْمَرْأَة اَلَّتِي كَذَبَ اَلنَّاس فِي حُبّهَا طَوَال حَيَاتهَا لَا يُمْكِن أَنْ تَجِد مَنْ يُصَدِّقهَا إِذْ صَدَقَتْ فِيهِ وَعَدَّلَ مِنْ اَللَّه كُلّ مَا صَنَعَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute