للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْتُمَا اَلْيَوْم سَعِيدَانِ لِأَنَّ فِي يَدكُمَا مَالًا تَعِيشَانِ بِهِ وَلِأَنَّكُمَا تَسْكُنَانِ هَذَا اَلْمَنْزِل اَلْبَدِيع فَوْق هَذِهِ اَلْهَضْبَة اَلْعَالِيَة بِجَانِب هَذِهِ اَلْبُحَيْرَة اَلْجَمِيلَة فَإِذَا خَلَتْ يَدكُمَا مِنْ اَلْمَال وَحَرَّمْتُمَا هَذَا اَلنَّعِيم لِذِي تَنْعَمَانِ بِهِ بِالْإِغْوَاءِ وَلَكُمَا شَأْن نَفْسَيْكُمَا عَنْ شَأْن اَلْحُبّ ولذائذه وَسَرَى إِلَى نَفْسَيْكُمَا اَلضَّجَر وَالْمَلَل وَرُبَّمَا اِمْتَدَّتْ تِلْكَ اَلسَّآمَة بَيْنكُمَا إِلَى أَبْعَد غَايَتهَا.

إِنَّ لِلْحُبِّ فُنُونًا مِنْ اَلْجُنُون وَأَقْبَح فُنُونه أَنْ يَعْتَقِد اَلْمُتَحَابَّانِ أَنَّ حُبّهمَا دَائِم لَا تُغَيِّرهُ حَوَادِث اَلْأَيَّام وَلَا تَنَال مِنْهُ اَلصُّرُوف وَالْغَيْر وَلَوْ عَقْلَا لَعَلَّمَا أَنَّ اَلْحُبّ لَوْن مِنْ أَلْوَان اَلنَّفْس وَعَرْض مِنْ أَعْرَاضهَا اَلطَّائِرَة تَأْتِي بِهِ شَهْوَة وَتَذْهَب بِهِ أُخْرَى وَلَا يَذْهَب بِهِ اَلْمَثَل مِثْل اَلْفَاقَة إِذَا اِشْتَدَّتْ وَاسْتَحْكَمَتْ حَلَقَاتهَا فَإِنَّ اَلنَّفْس تُطَالِب حَيَاتهَا وَبَقَاءَهَا قَبْل أَنْ تَطْلُب لذائذها وَشَهَوَاتهَا ?

أَنَا أَعْلَم مِنْ شَأْن وَلَدِي يَا سَيِّدَتِي مَا لَا تُعَلِّمِينَ وَأَعْلَم أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيع أَنْ يَعِيش هَذِهِ اَلْعِيشَة النكداء اَلَّتِي تَظُنِّينَ وَهُوَ فَتَى فَقِير لَا يَمْلِك مِنْ اَلدُّنْيَا إِلَّا قِطْعَة صَغِيرَة مِنْ اَلْأَرْض وَرِثَهَا عَنْ أُمّه لَا تُغْنِي عَنْهُ وَلَا عَنْك شَيْئًا وَمَا أَنَا بِذِي ثَرْوَة طَائِلَة استطيع أَنْ أَحْفَظ لَهُ بِهَا زَمَنًا طَوِيلًا هَذَا اَلْعَيْش اَلسَّعِيد اَلرَّغْد اَلَّذِي يَعِيشهُ اَلْيَوْم فِي بَارِيس فَلَمْ يَبْقَ بَيْن يَدَيْهِ إِلَّا أَنْ يَعِيش بِمَالِك وَهُوَ مَا لَا أَرْضَاهُ لَهُ وَلَا يَرْضَاهُ لِنَفْسِهِ وَاسْمَحِي لِي يَا سَيِّدَتِي أَنْ أَقُول لَك إِنَّ جَمِيع مَصَائِب اَلدُّنْيَا وأرزائها أَهْوَن عَلَيَّ وَعَلَيْهِ أَنْ يَقُول اَلنَّاس إِنَّ خَلِيلَة أَرْمَان دوفال قَدْ بَاعَتْ جَوَاهِرهَا وَحَلَّاهَا اَلَّتِي أَهْدَاهَا إِلَيْهَا عُشَّاقهَا اَلْمَاضُونَ لِتُنْفِق ثَمَنهَا عَلَيْهِ سَامِحِينِي يَا بُنِّيَّتِي واغتفري لِي حِدَّتِي وَخُشُونَتِي فَإِنَّ شَدِيدًا

<<  <   >  >>