للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جِدًّا عَلَى وَالِد شَيْخ مَثَلِي أَنْ يَرَى وَلَده اَلَّذِي وَضَعَ فِيهِ كُلّ آمَال بَيْته يَهْوَى أَمَام عَيْنَيْهِ فِي هَذِهِ اَلْهُوَّة اَلسَّحِيقَة اَلَّتِي لَا قَرَار لَهَا دُون أَنْ يَطِير قَلْبه خَوْفًا وَهَلَعًا.

أَنَّهُ مُنْذُ عَرَفَك نَسِيَنِي وَنَسِيَ أُخْته فَلَا يُذَكِّرنِي وَلَا يُذَكِّرهَا وَقَدْ مَرِضَتْ مُنْذُ شُهُور رِضَا مُشَرِّفًا فَكَتَبَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَأْتِي لِيَعُودَنِي فَلَمْ يَفْعَل وَلَمْ يُرِدْ عَلَى كِتَابِي أَيّ أَنَّنِي كُنْت عَلَى وَشْك أَنْ أَمُوت وَلَا أَرَاهُ وَلَوْ تَمَّ ذَلِكَ لَذَهَبَتْ إِلَى قَبْرِي بِحَسْرَة لَمْ يَحْمِل مَثَلهَا فِي صَدْره رَاحِل عَنْ اَلدُّنْيَا مِنْ قَبْلِي.

أَنْتِ صَادِقَة يَا سَيِّدَتِي فد قَوْلك إِنَّهُ لَمْ يُنْفِق عَلَيْك جَمِيع مَا كَانَ بِيَدِهِ مِنْ اَلْمَال لِأَنَّنِي عَلِمْت بِالْأَمْسِ أَنَّهُ قَامَرَ مُنْذُ عَهْد قَرِيب وَخَسِرَ فِي مُقَامَرَته كَثِيرًا كَمَا عَلِمَتْ أَنَّك لَا تُعَلِّمِينَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَمَا يُؤَمِّننِي إِنْ أَنَا تَرَكَتْهُ فِي هَذَا اَلْبَلَد أَلَّا يَسْتَمِرّ فِي هَذِهِ اَلْغَوَايَة اَلْجَدِيدَة اَلَّتِي خَطَا اَلْخَطَوَات اَلْأُولَى فِي طَرِيقهَا وَلَا يَخْسَر فِي بَعْض مَوَاقِفه خَسَارَة عُظْمَى لَا أَجُدْ لِي بَدَا مِنْ أَنَّ آخِذ بِيَدِهِ فِيهَا فَأُقَدَّم إِلَيْهِ ذُخْر شَيْخُوخَتِي وَمَهْر اِبْنَتِي فَنَهْلَك نَحْنُ اَلثَّلَاثَة فِي يَوْم وَاحِد ? مِنْ أَيْنَ لَك يَا بُنِّيَّتِي أَنَّهُ إِنْ طَالَ عَهْده بِك لَا يَمْلِك وَلَا تَمْتَدّ عَيْنه إِلَى اِمْرَأَة سِوَاك فَتَكُون فَجِيعَتك فِيهِ غَدًا شَرًّا مِنْ فَجِيعَتك فِيهِ اَلْيَوْم وَمِنْ أَيْنَ لَهُ أَنَّك لَا تَضِيقِينَ ذَرْعًا يَوْمًا مِنْ اَلْأَيَّام بِعِيشَة اَلْوَحْشَة وَالْوَحْدَة فَتَحِنِّينَ إِلَى حَيَاتك اَلْأُولَى حَيَاة اَلْأُنْس وَالِاجْتِمَاع وَالضَّوْضَاء واللجب وَهُوَ فَتِيّ غَيُور مستطار فَرُبَّمَا أَنِفَتْ نَفْسه أَنْ يُزَاحِمهُ فِيك مُزَاحِم وَرُبَّمَا اِمْتَدَّتْ يَده بَشَر إِلَى ذَلِكَ اَلَّذِي يُزَاحِمهُ فَتَنَازَلَا فَأَصَابَتْهُ مِنْ يَد مَنَازِله ضَرْبَة تَقْضِي عَلَى حَيَاته وَتُفْجِعنِي فِيهِ؟

<<  <   >  >>