كَيْفَ يَكُون مَوْقِفك يَا سَيِّدَتِي غَدًا إِنْ نَفَذَ فِيهِ هَذَا اَلسَّهْم مِنْ اَلْقَضَاء أَمَام هَذَا اَلْأَب الثاكل اَلْمِسْكِين إِذَا جَاءَك يَسْأَلك عَنْ دَم وَلَده ? وَكَيْفَ تَكُون آلَام نَفْسك ولواعجها أَمَام مَشْهَد بُكَائِهِ وَتُفْجِعهُ ?
ثُمَّ أَرْتَعِش اِرْتِعَاشًا شَدِيدًا وَظَلَّ نَظَره حَائِرًا مُضْطَرِبًا كَأَنَّمَا يُخَيَّل إِلَيْهِ أَنَّهُ يَرَى أَمَام عَيْنَيْهِ ذَلِكَ اَلْمَنْظَر اَلَّذِي يَتَحَدَّث عَنْهُ ثُمَّ سَكَنَ قَلِيلًا وَنَظَر إِلَى نَظْرَة هَادِئَة مَمْلُوءَة عَطْفًا وَحَنَانًا وَأَنْشَأَ يَقُول:
مَرْغِرِيت ? أَنْتَ أَعْظَم فِي عَيْنِي مِمَّا كُنْت أَظُنّ وَأَكْرَم نَفْسًا مِنْ أُولَئِكَ اَلنِّسَاء اَللَّوَاتِي يَزْعُمْنَ أَنَّك وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَقَدْ وَجَدْت فِيك مِنْ فَضَائِل اَلنَّفْس وَمَزَايَاهَا مَا لَمْ أَجِدهُ إِلَّا قَلِيلًا فِي أَفْذَاذ اَلرِّجَال وَأَقَلّ مِنْ اَلْقَلِيل فِي فُضْلَيَات اَلنِّسَاء وَلَوْ قِسْم اَلشَّرَف بَيْن اَلنَّاس عَلَى مِقْدَار فَضَائِلهمْ وَصِفَاتهمْ لَكَانَ نَصِيبك مِنْهُ أَوْفَر اَلْأَنْصِبَة وَأَوْفَاهَا.
لَا أَنْسَى لَك يَا مَرْغِرِيت مَا دُمْت حَيًّا كِتْمَانك أَمْر اَلْكُتَّاب اَلَّذِي أَرْسَلَتْهُ إِلَيْك وَاحْتِفَاظك بِسِرِّهِ فِي سَاعَة تَتَفَرَّج فِيهَا اَلصُّدُور عَنْ مَكْنُونَاتهَا وَلَا سُكُوتك وإعضاءك وَأَنْتَ فِي مَنْزِلك وَمَوْضِع أَمْرك وَنَهْيك أَمَام حِدَّتِي وَخُشُونَتِي وَجُنُون غَضَبِي وَلَا بِذَلِكَ مَا بِذَلِكَ مِنْ ذَات نَفْسك وَذَات يَدك لِوَلَدِي مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَم وَفَاء لَهُ إِبْقَاء عَلَى عِزَّة نَفْسه وَكَرَامَتهَا.
لَقَدْ كَانَتْ ضَحِيَّتك اَلَّتِي قَدَّمَتْهَا لِوَلَدِك بِالْأَمْسِ عَظِيمَة جِدًّا وَالْيَوْم جِئْتُك أَطْلُب إِلَيْك أَنْ تُقَدِّمِي ضَحِيَّة أَعْظَم مِنْهَا لِابْنَتِي وَلَا مُعْتَمِد لِي أَعْتَمِد عَلَيْهِ فِي تَلْبِيَة رَجَائِي عِنْدك إِلَّا شَرَف نَفْسك وَفَضِيلَتهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute