للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في كتابه "الدرء" (١)، وابن القيم في كتابه "الصواعق المرسلة. (٢) "

وقررا ذلك دون تعقيب.

وأما مقالة الذهبي: "وكان أيضاً يسعه السكوت عن "صفة حقيقية"، فإننا إذا أثبتنا نعوت الباري .. إلخ "، فإن الإمام الذهبي لا ينازع - هاهنا- في إمرار نصوص الصفات كما جاءت، بل إنه نفى المجاز في صفات الله تعالى، لكنه يقرر الاقتصار على إثبات الصفات، وأن تمرّ كما جاءت، ولا حاجة أن يزاد على ذلك فيقال: إنها صفة حقيقية؛ لأن ذلك كلام ركيك ..

فهذا التعقيب أقرب ما يكون في اللفظ وصياغة العبارة، خاصةً وأن الذهبي في "تذكرة الحفاظ" قد ساق نفس الجملة - التي تعقّبها هاهنا- ثم قررها قائلاً: "نعم لو كانت صفاته مجازاً لتحتم تأويلها، ولقيل: معنى البصر كذا، معنى السمع كذا، ومعنى الحياة كذا، ولفسرت بغير السابق إلى الأفهام، فلما كان مذهب السلف إمرارها بلا تأويل، علم أنها غير محمولة على المجاز، وأنها حقّ بيّن. (٣) "

والمتأمل في تعقيب الإمام الذهبي هاهنا، يجد أن ذلك يتفق مع موقفه من الألفاظ التي لم ينصّ عليها الدليل، فالذهبي - مثلاً - أورد شعراً لابن الزاغوني قائلاً:

عال على العرش الرفيع بذاته سبحانه عن قول غاوٍ ملحد.

ثم قال الذهبي: "قد ذكرنا أن لفظة "بذاته" لا حاجة إليها، وهي تشغب النفوس، وتركها أولى. (٤) "

ويقول - في موضع آخر -: "نقول ينزل، وننهى عن القول ينزل بذاته، كما لا نقول: ينزل بعلمه، بل نسكت ولا نتفاصح على الرسول بعبارات مبتدعة، والله أعلم. (٥) "

ولما أورد الذهبي مقالة بعض السلف في مسألة إثبات الحد لله تعالى، قال: "الصواب الكفّ عن إطلاق ذلك، إذ لم يأت فيه نصّ، ولو فرضنا أن المعنى صحيح، فليس لنا أن نتفوه


(١) انظر: الدرء ٦/ ٢٥٣.
(٢) انظر: الصواعق المرسلة ٤/ ١٢٨٨.
(٣) تذكرة الحفاظ ٣/ ٩٣٩.
(٤) سير أعلام النبلاء ١٩/ ٦٠٦.
(٥) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٣٣١.

<<  <   >  >>